صلى الله عليه وسلم. وقد رغبهم صلى الله عليه وسلم في التبليغ عنه، فصدعوا بما أمروا، وتفانوا في القرآن والحديث أخذا وتحملا، فرضي الله عنهم، وأثابهم أعظم المثوبة.
من أجل ذلك كله نستطيع أن نقول ونحن مطمئنون: أن الرواية بالمعنى كانت قبل فساد اللسان العربي، ومن أئمة كبار في اللغة والشرع معا، وكانوا يرونها رخصة عند الاضطرار، وكان نسيانهم قليلا بل نادرا، فإن كان ففي بعض حروف العطف، أو المفردات، أو بعض الجمل.
٤- "اختلاف ألفاظ الأحاديث لا يرجع إلى الرواية بالمعنى وحدها":
من الخطأ البين أن يعزى اختلاف ألفاظ الأحاديث، التي تتوارد على معنى واحد، إلى الرواية بالمعنى وحدها، بل كان لمجالسه صلى الله عليه وسلم المتعددة بتعدد الأزمنة والأمكنة، والحوادث والأحوال، والسامعين والمستفتين، والمتخاصمين والمتقاضين، والوافدين والمبعوثين، أثر في ذلك كبير، فكانت ألفاظه صلى الله عليه وسلم تختلف في كل ذلك، إيجازا وإطنابا، ووضوحا وخفاء، وتقديما وتأخيرا، وزيادة ونقصانا، بحسب ما تقتضيه الحال، ويدعو إليه المقام، فقد يسأل عن أفضل الأعمال مثلا، فيجيب كل سائل بجواب غير جواب صاحبه، أو عن أفضل الجهاد، فيذكر لكل مستفت نوعا من أعمال البر غير ما يذكره للآخر، أو عن أحب أنواع الصدقة فيذكر لهذا غير ما يذكره لذاك، أويسأل عن معنى البر والإثم فتعدد أجوبته بتعدد السائلين، وهكذا، فيظن من لا علم عنده أن هذا من باب التعارض، أو من عدم ضبط الرواة، وواقع الأمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان طبيب