للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النفوس، فيجيب كل إنسان عن مسألته بما يناسبه، وبما يكون أنفع له أو للناس في جميع الظروف، أو في الظرف الذي كان فيه الاستفتاء.

وانظر إلى اختلاف ألفاظ الأذان والإقامة والتشهد، والأذكار في الصلوات وبعدها، والأدعية فيها وفي غيرها، والرواة في الجميع عدول ضابطون، فيظن من لا علم عنده أن هذا من باب التناقض، أو أنه من عدم ضبط الرواة، أو من الوراية بالمعنى، والواقع أن كل ذلك كان بتعليم منه صلى الله عليه وسلم، إشارة إلى جواز الجميع، وأن في الأمر سعة وتيسيرا على الأمة -ثم انظر تعاليمه صلى الله عليه وسلم للوفود، ووصاياه القيمة لمن يبعثهم إلى الأقطار المختلفة، معلمين ومرشدين، ومبرشين ومنذرين، وإلى كتبه للملوك والرؤساء والحكام، تجدها حافلة ببالغ العظات، ونافع الوصايا، مع تفنن في القول، ورعاية للمناسبات، وخطاب للناس على مقدار عقولهم.

ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في الجمع والأعياد، والغزوات والحروب، ومهمات المسائل وجسام الأمور، يحذر فيها وينذر، ويبصر فيها ويرشد، ويذكر قواعد الإسلام، ومعالم الأحكام، وأحوال الجنة والنار، وأشراط الساعة، وعذاب القبر، وألفاظه في ذلك تختلف باختلاف المناسبات، وتطول وتقصر تبعا لما تقتضيه الأحوال.

ولقد كانت مجالسه المباركة على كثرتها سفرا وحضرا، حافلة ببيان الأحكام، وتصحيح الأخطاء، والوصايا بتقوى الله عز وجل، والحث على مكارم الأخلاق، والتحذير من مساوئها، وربما قص عليهم فيها من أنباء الأمم الخالية، ما فيه عبرة وذكرى، يصرف القول في جميع

<<  <   >  >>