للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إن السلف اختلفوا في ذلك -يعني كتابة العلم- عملا، وتركا، وإن كان الأمر استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان، ممن يتعين عليه تبليغ العلم١. ا. هـ.

وقال أبو عمر بن عبد البر: "من كره كتاب العلم إنما كرهه لوجهين: لئلا يتخذ مع القرآن كتاب يضاهي به -ولئلا يتكل الكاتب على ما يكتب، فلا يحفظ فيقل الحفظ. ثم قال: وليس أحد اليوم على هذا، ولولا الكتاب لضاع كثير من العلم. وقد أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، في كتاب العلم ورخص فيه جماعة من العلماء، وحمدوا ذلك، وقد دخل على إبراهيم النخعي شيء في حفظه لتركه الكتاب. وعن منصور قال: كان إبراهيم يحذف الحديث فقلت له: إن سالم بن الجعد يتم الحديث، قال: إن سالما كتب، وأنا لم أكتب. قال ابن عبد البر: فهذا النخعي مع كراهته لكتابة الحديث، قد أقر بفضل الكتاب"٢. ا. هـ.

وقال ابن الصلاح في النوع الخامس والعشرين من مقدمته:

اختلف الصدر الأول رضي الله عنهم في كتابة الحديث، فمنهم من كره كتابة الحديث والعلم، وأمروا بحفظه ومنهم من أجاز ذلك قال: ثم إنه زال ذلك الخلاف، وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته. ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة". ا. هـ٣.

فكيف يجمع المسلمون على نقيض آخر الأمرين، من رسول الله صلى الله عليه وسلم.


١ انظر فتح الباري ج١ ص١٤٦.
٢ انظر جامع بيان العلم وفضله جـ١ ص٦٨، ٧٠. ٣ ص٨٧-٨٨.

<<  <   >  >>