سادسا: استخلص الشيخ من بحثه هذا أن الصحابة لم يدونوا الأحاديث؛ لأنهم لم يريدوا أن يجعلوها دينا عاما، دائما كالقرآن مؤيدا ذلك، يعمل عمر بن الخطاب على خلاف بعض الأحاديث. وباكتفاء علماء الأمصار، كأبي حنيفة بما بلغه منها وعدم تعنيه في جمعها. وبمخالفة الفقهاء لكثير من الأحاديث الصحيحة، ونحن ننقل ذلك عنه بالتفصيل، ونرد عليه فنقول:
أ- قال الشيخ: وإذا أضفت إلى هذا ماورد في عدم رغبة الصحابة في التحديث، بل رغبتهم عنه بل في نهيهم عنه قوى عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث دينا عاما، دائما كالقرآن. ا. هـ.
وتلك لعمر الله مقدمات عقيمة، ونتيجة باطلة وذلك؛ لأن الصحابة إنما أمروا بتقليل الرواية، لئلا يكثر الخطأ، أو السهو في الأحاديث فيدخلها ما ليس منها، ولئلا يتخذها المنافقون ذريعة للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولئلا ينصرف الناس عن القرآن، ولما يتمكن من نفوسهم فضل تمكن. كذلك لم يدونوا الأحاديث، لئلا يلتبس الأمر على عامة الناس فيضاهوا بصحف الحديث، صحف القرآن، ومخافة أن تقضي الكتابة على ملكة الحفظ فيهم.
فلم يكن عدم تدوين الأحاديث، وقلة التحديث من الصحابة رضي الله عنهم لما ذكره الشيخ، من أنهم يريدون ألا يتخذوا الأحاديث دينا عاما، دائما فهذه نتيجة لا أساس لها. وأن القرآن العظيم ليفضح أمرها، ويكشف سترها. وقد تكلمنا في المقدمة على منزلة السنة في الدين، فارجع إليها إن شئت.
ب- قال الشيخ: ولو كانوا فهموا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه يريد ذلك لكتبوا، ولأمروا بالكتابة، ولجمع الراشدون ما كتب