اختصره كثير من العلماء منهم الإمام، أبو سليمان الخطابي، المتوفى سنة "٢٨٨" وأبو الوليد الباجي، المتوفى سنة "٤٧٤". وابن رشيق القيرواني، المتوفى سنة "٤٥٦"، وابن عبد البر وسمى كتابه التقصي في مسند الموطأ، ومرسله وأبو القاسم عبد الرحمن الغافقي الجوهري، المتوفى سنة "٣٨٥هـ"، اشتمل مختصره على ستمائة وستة وستين حديثا مسندا١.
عناية الناس بالموطأ:
منذ ألف مالك الموطأ، والعلماء يضربون أكباد الإبل إلى المدينة يسمعونه منه، حتى لقد رواه عن مالك بغير واسطة أكثر من ألف رجل، فكان ذلك مصادقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه الترمذي:"يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم، فما يجدون أعلم من عالم المدينة"، قال عبد الرازق:"هو مالك بن أنس".
عني الناس بالموطأ على اختلاف مشاربهم، فكان منهم المبرزون من الفقهاء كالشافعي، ومحمد بن الحسن وابن وهب، وابن القاسم ومنهم نحارير المحدثين كيحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الرزاق بن همام، ومنهم الملوك والأمراء كالرشيد، وابنيه الأمين والمأمون، وبذلك اشتهر الموطأ في عصر مؤلفه، فانكب الناس جميعا عليه من جميع ديار الإسلام، القاصي منهم والداني ثم لم يأت زمان، إلا ازداد الموطأ فيه شهرة على شهرة، واشتدت عناية الناس به، ولا عجب فعليه بنى فقهاء الأمصار مذاهبهم حتى أهل العراق في بعض أمورهم،