للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آراء مالك على أنه كتاب فقه لا كتاب حديث. لا يدل على ما ذهب إليه، ولا يخرج الموطأ عن كونه كتاب حديث، فالبخاري الذي هو إمام المحدثين غير منازع، قد سلك هذه الطريقة في جامعه الصحيح، ورتبه على أبواب الفقه، وذكر فيه الموقوفات وكثيرا من الآيات القرآنية، وكان له اجتهادات وآراء مال إليا واستدل عليها في كتابه، ومع ذلك لم يقل أحد: "إن صحيح البخاري، ليس كتاب حديث، بل هو كتاب فقه، وإنه إلى الفقه أقرب منه إلى الحديث".

ولم يكن من غرض البخاري على ما صرح به أن يستوعب الأحاديث الصحيحة، التي كانت موجودة في عصره، ويجمعها ولو كان ما يقوله الأستاذ حقا، لكان صحيح البخاري أولى بالخروج من جملة الكتب الحديثية، مع أنه من أمهاتها، والمقدم في الحديث على جميعها. فمسلك مالك في وضع كتابه على أبواب الفقه مختلطة أحاديثه بأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين لم ينفرد به عن سائر المحدثين في عصره، بل كانت تلك طريقة المحدثين عامة في التصنيف من أقران مالك أمثال ابن عيينة، وشعبة ابن الحجاج، وعبد الرزاق، والليث بن سعد وأضرابهم.

ثانيا: الرد على زعمه أن مالكا لم يكن محدثا

كثيرا ما يردد الأستاذ في كتابه أن مالكا، لم يكن معدودا في طائفة أهل الحديث مخالفا في ذلك إجماع أئمة المسلمين في كل قرن من القرون.

ولعل الذي جعل الأستاذ يقول ذلك، أنه وجد مالكا يجتهد رأيه في بعض مسائل لم تسعفه فيها النصوص. أو أنه بنى ذلك الزعم على زعمه في الموطا أنه ليس كتاب حديث، بل هو كتاب فقه فمالك إذن عنده فقيه لا محدث، وقد تبين لك بطلان هذا الزعم فيما سبق. أما أن مالكا

<<  <   >  >>