للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من شيخ له فضل، وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به"١، وسئل مالك أيؤخذ العلم ممن ليس له طلب ولا مجالسة فقال: لا. فقيل: أيؤخذ ممن هو صحيح ثقة غير أنه لا يحفظ ولا يفهم مايحدث به فقال: لا يكتب العلم إلا عمن يحفظ، ويكون قد طلب وجالس الناس، وعرف وعمل ويكن معه ورع"، ويقول مالك أيضًا: لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين، فما أخذت عنهم شيئا، وأن أحدهم لو ائتمن على بيت مال لكان به أمينا؛ لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، وقدم علينا ابن شهاب، فكنا نزدحم عند بابه وهذا عبد الله بن المبارك يقول: قلت لسفيان الثوري: أن عباد بن كثير من تعرف حاله، وإذا حدث جاء بأمر عظيم أترى أن أقول للناس: لا تاخذوا عنه؟ قال سفيان: بلى. قال عبد الله: فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد أثنيت عليه في دينه، وأقول: لا تأخذوا عنه". وهذا يحيى بن سعيد القطان، يقول: "لم نر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث"٢.

وهذا سفيان الثوري يقول: إني أحب أن أكتب الحديث على ثلاثة أوجه. حديث أكتبه أريد أن أتخذه دينا. وحديث رجل أكتبه، فأوقفه لا أطرحه ولا أدين به، وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ولا أعبأ به.

والأوزاعي رضي الله عنه يقول: "تعلم ما لا يؤخذ، كما تتعلم ما يؤخذ٣". وهذا خليفة المسلمين في القرن الثاني هارون الرشيد يقول للزنديق، وقد قال: أني وضعت ألف حديث على رسول الله. فأين أنت يا عدو الله من أبي


١ الانتقاء لابن عبد البر ص١٥-١٦.
٢ انظر هذه الآثار في توجيه النظر ص٣٥، ٣٦.
٣ انظر جامع بيان العلم وفضله جـ١ ص٧٦.

<<  <   >  >>