ابن مسعود عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها، ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم، إخلاص العمل لله، والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم"، فلما ندب رسول الله إلى استماع مقالته وحفظها، وأدائها امرأ يؤديها والمرء واحد دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يؤدي عنه حلال يؤتى وحرام يجتنب وحد يقام، ومال يؤخذ ويعطى ونصيحة في دين، ودنيا ودل على أنه قد يحمل الفقه غير فقيه يكون له حافظا، ولا يكون فيه فقيها وأمر رسول الله بلزوم جماعة المسلمين، مما يحتج به في أن إجماع المسلمين إن شاء الله لازم.
قال الشافعي: أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال:"بينما الناس بقباء في صلاة الصبح، إذ أتاهم آت فقال: إن رسول الله قد أنزل عليه قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إل الكعبة"، وأهل قباء أهل سابقة من الأنصار وفقه، وقد كانوا على قبلة فرض الله عليهم استقبالها، ولم يكن لهم أن يدعوا فرض الله في القبلة إلا بما تقوم به عليهم الحجة، ولم يلقوا رسول الله ولم يسمعوا ما أنزل الله عليه في تحويل القبلة، فيكونوا مستقبلين بكتاب الله، وسنة نبيه سماعا من رسول الله، ولا بخبر عامة وانتقلوا بخبر واحد إذا كان عندهم من أهل الصدق عن فرض كان عليهم، فتركوه إلى ما أخبرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه أحدث عليهم من تحويل القبلة. ولم يكونوا ليفعلوه إن شاء الله بخبر إلا عن علم بأن الحجة، تثبت بمثله إذا كان من أهل الصدق، ولا ليحدثوا أيضا مثل هذا العظيم في دينهم، إلا عن علم بأن لهم أحداثه، ولا يدعون أن يخبروا رسول