للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله بما صنعوا منه. ولو كان ما قبلوا من خبر الواحد عن رسول الله في تحويل القبلة -وهو فرض- مما لا يجوز لهم لقال لهم: -إن شاء الله- رسول الله صلى الله عليه وسلم. قد كنتم على قبلة، ولم يكن لكم تركها إلا بعد علم تقوم به عليكم حجة من سماعكم مني، أو خبر عامة أو أكثر من خبر واحد عني.

قال الشافعي: أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: "كنت أسقي أبا طلحة، وأبا عبيدة بن الجرح، وأبي بن كعب شرابا من فضيح١، وتمر فجاءهم آت. فقال: إن الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها، فقمت إلى مهراس٢ لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت"، وهؤلاء في العلم والمكان من النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم صحبته بالموضع، الذي لا ينكره عالم، وقد كان الشراب عندهم حلالًا يشربونه، فجاءهم آت واحد، وأخبرهم بتحريم الخمر. فأمر أبوطلحة -وهو مالك الجرار- بكسر الجرار ولم يقل هو ولا هم ولا واحد منهم: نحن على تحليلها، حتى نلقى رسول الله مع قربه منا أو يأتينا خبر عامة. وذلك أنهم لا يهرقون حلالا إهراقه سرف، وليسوا من أهله والحال أنهم لا يدعون أخبار رسول الله بما فعلوا، ولايدع -لو كان ما قبلوا من خبر الواحد ليس لهم- أن ينهاهم عن قبول مثله.

قال الشافعي: وأمر سول الله أنيسا أن يغدو على امرأة رجل ذكر أنها زنت. "فإن اعترف فارجمها"، فاعترفت فرجمها.

قال الشافعي: وبعث رسول الله أبا بكر واليا على الحج في سنة


١ قال في النهاية، هو شراب يتخذ من البسر المفضوح أي المشدوخ.
٢ المهراس حجر مستطيل منقور يتوضأ منه ويدق فيه.

<<  <   >  >>