كتاب الحج من صحيحه، قال: حدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا ابن وهب، قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر أن عمران بن أبي أنس، حدثه أن سلمان الأغر، حدثه أنه سمع أبا هريرة، يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء"، وأخرجه الشيخان١. من غير طريقه أيضًا عن شعبة عن عبد الملك سمعت قزعة مولى زياد، قال: سمعت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، يحدث بأربع عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبنني، وآنقنني قال:"لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم. ولا صوم في يومين، الفطر والأضحى. ولا صلاة بعد صلاتين بعد الصبح، حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب. ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجد الحرام، ومسجد الأقصى ومسجدي".
ثم ما لهذا الحديث، وصرف الناس عن حج بيت الله الحرام إلى المسجد الأقصى، وغاية ما يدل عليه أن الرحال لا تشد إلى مسجد من المساجد بقصد الصلاة فيه، إلا لهذه المساجد الثلاثة، فهو إنما يدل على فضل الصلاة في المسجد الأقصى، كما يدل على فضلها في المسجدين الآخرين. ثم ماذا يقولون فيما ثبت من أن المسلمين، كانوا يصلون إلى بيت المقدر قبل أن يصلوا إلى الكعبة، وهو يدل على أنه موضع احترام لدى المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، من أول يوم فرضت فيه الصلاة. وماذا يقولون في قول الله عز وجل:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} ، أما أن بني أمية لو كانوا بحاجة إلى ما يدل على فضل بيت المقدس لكفتهم هذه الآية، أم يقولون أن الآية من وضع الزهري أيضا! سبحانك هذا بهتان عظيم.