نحن لا ننكر أن هناك أحديث وضعت في فضل الأمويين، والعلويين أو في فضل بعض الأماكن، ولكنا ننكر أن يكون واضعوها من العلماء الأتقياء حقا كما ننكر أن أئمة الأحاديث سكتوا عن هذه الموضوعات، وها هي آثارهم تدل على ما بذلوه من جهد في تمحيص الأحاديث ونقدها، فماذا بعد الحق إلا الضلال.
ثالثا: قالوا: "ولم يقتصر الأمر على وضع أحاديث سياسية، بل تعدى ذلك إلى الناحية الدينية في أمور العبادات، التي لا تتفق مع ما يراه أهل المدينة، مثل ما هو معروف من أن خطبة الجمعة كانت خطبتين، وكان يخطب الخلفاء وقوفا، وأن خطبة العيد كانت تتبع الصلاة، فغير الأمويون من ذلك فكان يخطب الخليفة خطبة الجمعة الثانية جالسا، وجعلوا خطبة العيد قبل الصلاة، واستدلوا لذلك بما رواه رجاء بن حيوة، من أن الرسول والخلفاء كانوا يخطبون جلوسا في حين قال جابر بن سمرة: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب جالسا فقد كذب. ومثل ذلك ما حصل من زيادة معاوية في درجات المنبر، وما كان من جعله المقصورة، التي زالها العباسيون بعد ذلك. كما لم يقتصر الأمر على نشر أحاديث ذات ميول، بل تعداه إلى اضطهاد أحاديث لا تمثل وجهات النظر، والعمل على إخفائها وتوهينها. فمما لا شك فيه أنه كان هناك أحاديث في مصلحة الأمويين، اختفت عند مجيء العباسيين".
ونقول: حقا إن الوضع في الحديث لم يقتصر على الميول السياسية، بل تعداه إلى العبادات، لكن لم يكن ذلك من علماء الملة، وأئمة الحديث إنما كان من زنديق يكيد للإسلام، أو من داعية سوء يريد أن يتقرب إلى أهل الأهواء، أو من جاهل لم يخالط قلبه بشاشة الإيمان، أما علماء الإسلام فقد قذفوا بالحق على الباطل، وأخلصوا للأمة النصح من غير