للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجوع الواثق عن المحنة:

اشتد الواثق في مسألة خلق القرآن كثيرا، وساعده على ذلك وزيره أحمد بن أبي دؤاد، وكان من رءوس الاعتزال حتى إن أحمد هذا كان يقول: "من قال من الأسارى القرآن مخلوق خلصوه، وأعطوه دينارين ومن امتنع دعوه في الأسر"، قال الخطيب: كان أحمد بن أبي دؤاد قد استولى على الواثق، وحمله على التشدد في المحنة، ودعا الناس إلى القول بخلق القرآن، واستمر على ذلك حتى مل الواثق المحنة وسئمتها نفسه، فرجع عنها في آخر عمره. هذا أبو عبد الرحمن بن محمد الأذرمي، شيخ أبي داود والنسائي يحمل مكبلا بالحديد من بلاده إلى الواثق، فسأله ابن أبي دؤاد في مجلس الواثق عن قوله في القرآن، فقال له الشيخ: هذا الذي تقوله يا ابن أبي دؤاد من خلق القرآن شيء علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، أو جهلوه فقال: بل علموه. قال: فهل دعوا الناس إليه كما دعوتهم أنت أو سكتوا فقال: بل سكتوا. قال: فهلا وسعك ما وسعهم من السكوت، فبهتوا وضحك الواثق، وقام قابضا على فمه وهو يقول: هلا وسعك ما وسعهم ويكررها. ثم أمر أن يعطى الرجل ثلثمائة دينار، ويرد إلى بلده ولم يمتحن أحدا بعدها، وسخط على ابن أبي دؤاد من يومئذ.

المتوكل يأمر برفع المحنة، وينتصر لأهل الحديث:

ولما ولي المتوكل على الله بن المعتصم الخلافة بعد الخلافة بعد أخيه الواثق سنة "٢٣٢"، أظهر ميلا عظيما إلى السنة، فرفع المحنة وكتب بذلك إلى الآفاق واستقدم المحدثين إلى "سامرا"، وأجزل عطاياهم وأكرمهم، وأمرهم بأن يحدثوا بأحاديث الصفات والرؤيا. وجلس أبو بكر بن شيبة في جامع

<<  <   >  >>