للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي ذئب، ويقدحون في الشيخ يسوى بين علي وعثمان، أو يقدم عليا عليه ويروون عن أبي الطفيل عامل بن واثلة صاحب راية المختار، وعن جابر الجعفي وكلاهما يقول بالرجعة. قالوا: وهم مع هذا أجهل الناس بما يحملون، وأبخس الناس حظا فيما يطلبون، وقالوا في ذلك:

زوامل للأشعار لا علم عندهم ... بجيدها إلا كعلم الأباعر

لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأحماله أو راح ما في الغرائز

قد قنعوا من العلم برسمه، ومن الحديث باسمه ورضوا بأن يقولوا:

فلان عارف بالطرق وراوية للحديث وزهدوا في أن يقال: عالم بما كتب أو عامل بما علم. قالوا: وما ظنكم برجل منهم يحمل عنه العلم، وتضرب إليه أعناق المطي خمسين سنة أو نحوها. سئل في ملأ من الناس عن فأرة، وقعت في بئرة فقال: "البئر جبار"، وآخر سئل عن قوله تعالى: {رِيحٍ فِيهَا صِر} ، قال: "هو هذا الصرصر"، يعني صراصر الليل. وآخر حدثهم "عن سبعة وسبعين"، ويريد "شعبة وسفين". ا. هـ.

ثم أخذ ابن قتيبة يذكر رءوس المعتزلة واحدا واحدا، ويفند ما ألصقوه بأهل الحديث من الكذب والمحال، ومن عجب أن المستشرقين وأعداء الإسلام من الملحدين ينقلون هذه الطعون، ولا ينقلون جواب الإمام ابن قتيبة عنها وصدق القائل:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا

كان أهل الحديث على طريقة السلف من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم يحتاطون لأمر الدين، ويتثبتون في رواية السنة، ويقفون مع ظواهر النصوص، ولا يفتحون على العامة باب التأويل، حتى لا يفتتنوا بما لا تهضمه عقولهم، ولا تستسيغه أفهامهم، ووجد منهم في هذا العصر أئمة كبار

<<  <   >  >>