١- كانت محنة القول بخلق القرآن خافضة رافعة، رفعت رجال الحديث إلى السماكين، وخفضت المعتزلة إلى الحضيض، ومن هذا الحين عظم احترام العامة لأهل السنة، وأحبوهم أكثر من ذي قبل وحمدوا لهم سيرتهم.
٢- كان لموقف المحدثين أثر بالغ في المحافظة على عقيدة العامة من أن تعصف بها بدع أهل الأهواء، وتتجاذبها أعاصير الأباطيل، وشكوك المموهين.
٣- كان للقول بخلق القرآن أثر كبير في جرح الرواة، أو عدالتهم فالمأمون كان يرد رواية من لم يقل بخلق القرآن، ويحكم بفسق الشهود والقضاة إن لم يقروا بذلك، وكذلك فعل المحدثون ففسقوا من يقول بخلق القرآن وبالغ آخرون فردوا رواية من يثير الكلام في هذه المسألة، وأظن أن هذا كان سدا للذريعة فقط، حتى يتناسى القوم المسألة وتمحى من الأذهان، فلا يقع المسلمون فيها مرة أخرى.
وكادت شظايا هذه الفتنة تصيب الإمام البخاري، فإنه لما قدم نيسابور وسألوه عن اللفظ، فقال: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأعمالنا مخلوقة. فلما سمع بذلك الإمام الذهلي قال:"القرآن كلام الله غير مخلوق ومن زعم، "لفظي بالقرآن مخلوق"، فهو مبتدع لا يجلس إلينا، ولا نكلم من يذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل"، فانقطع الناس عن البخاري إلا مسلم بن الحجاج، وأحمد بن سلمة١.
٤- كان لهذه المعركة أثر سيئ في وضع الحديث، فقد انتهز الزنادقة ومن لا دين له هذا النزاع فوضعوا الأحاديث فيه، واختلقوها زورا