للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في وضع الحديث، وهنا نبين لك شيئا عن العوامل التي ساعدت على فشو الزندقة في العصر العباسي، وعن أثرها في وضع الحديث في هذا القرن الثالث.

ساعد على فشو الزندقة في العصر العباسي عامة، وفي القرن الثالث خاصة عدة أمور منها:

١- كثرة الجدال حول المسائل الأساسية في الدين، وشيوع الأبحاث الفلسفية، فقد ترجمت كتب الحكمة، والفلسفة، وأقبل على قراءتها كثير من العلماء وبعض الخلفاء كالمأمون، حتى رمي من أجل ذلك بالزندقة.

٢- عدم حصول الفرس على حكومة فارسية بعد زوال دولة بني أمية، فأخذوا يكيدون للإسلام عن طريق إفساد عقائد المسلمين ببث تعاليم المجوسية، وبخاصة مذهب "ماني".

٣- إسناد السلطة الحكومية إلى الموالي من الفرس، وإقصاء العرب عنها مكن للفرس من إظهار مذاهبهم القديمة، وتعضيد من يتظاهر بها.

هذه هي أهم عوامل انتشار الزندقة، التي مكنت الزنادقة من الكيد للإسلام، وكان من أسهل الطرق عليهم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبثوا في الناس كثيرا من الأقاويل، التي تشوه جمال الدين، وتثير حوله المطاعن والشبه يريدون بهذا هدم الإسلام، وتنفير الناس منه ودعوة المسلمين إلى التحلل من أحكامه، وبذلك تضعف شوكة المسلمين، ويصير من السهل على هؤلاء الزنادقة التغلب على البقية الباقية من أهل الإسلام، وإعادة سلطانهم كما كان. فأخذوا ينشرون بين الناس تعاليم المجوسية، ومذاهب المانوية، وظهر منهم طوائف كثيرة بمذاهب خبيثة من

<<  <   >  >>