للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن سهيلا كان عشارا باليمن، وأن الزهرة كانت بغيا عرجت إلى السماء باسم الله الأكبر، فمسخها الله شهابا، وإن الأرض على ظهر حوت١. إلى غير ذلك من الأكاذيب والأباطيل.

مقاومة الخلفاء العباسيين للزنادقة:

ولقد قاوم الخلفاء الزنادقة، وطهروا الأرض من جراثيمهم، فلم تأخذهم بهم هوادة، بل قتلوهم وحبسوهم، وشردوا بهم من خلفهم. اضطهدهم أبو جعفر المنصور في خلافته، ونكل بهم المهدي أيما تنكيل أيام دولته، وعين للزنادقة رجلا سماه "صاحب الزنادقة"، وكل إليه أمر إبادتهم والقضاء عليهم، وأمر الجدليين من أهل البحث من المتكلمين بتصنيف الكتب في الرد على الملحدين، وإقامة البراهين على المعاندين، وإيضاح الحق للشاكين. وأوصى ابنه موسى الهادي بالعمل على إبادة الزنادقة، وشرح له أمرهم وسوء نيتهم نحو الإسلام والمسلمين، وجاء عنه أنه قال: "والله لئن عشت لأقتلن هذه الفرقة كلها حتى لا أترك منها عينا تطرف"، وقد أنفذ الهادي وصية أبيه بكل أمانة. كذلك تعقبهم هارون الرشيد والمأمون من بعده، روى أن المأمون بلغه خبر عشرة من الزنادقة من أهل البصرة، يذهبون إلى قول "ماني"، ويقولون بإله النور وإله الظلمة، فأمر بحملهم إليه بعد أن سموا واحدا واحدا، فكان يدعوهم رجلا رجلا، ويسألهم عن دينهم، فيخبرونه بالإسلام، فيمتحنهم بأن يظهر لهم صورة "ماني"، ويأمرهم أن يتلفوا عليها، ويبرءوا منها فامتنعوا فقتلهم، وفي عهد المعتصم كانت حادثة كبرى في تاريخ الزندقة، وهي محاكمة قائد جيوشه المسمى "بالأفشين"، اتهم بالزندقة فحبس ومنع من الطعام، والشراب حتى مات ثم صلب، وأحرق بالنار٢.


١ انظر مقدمة تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة.
٢ انظر ضحى الإسلام جـ١ ص١٤٠.

<<  <   >  >>