للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"بحره": (وهو ملازمٌ للظرفية، إلا أن يضاف إليه زمان، ولا يكون مفعولًا به، ولا حرفًا للتعليل، أو المفاجأة، ولا ظرف مكان، خلافًا لزاعمي ذلك، وزعمُ أبي عبيدة وابن قتيبة زيادتَها ليس بشيءٍ، على أنهما ضعيفانِ في علم النحو، وزعم أنها بمعنى: "قد" ليس بشيءٍ أيضًا) (١).

و (إذا) وإن كانت للمفاجأة كـ (إذ) لكنها تفارقها في أنها لا تكون ظرفًا للماضي، ولا تدخل على الجملة الإسمية (٢)، وفيها معنى الشرط غالبًا، وخرج به المؤقتة كـ (آتيك إذا طلع الفجر) والمعاقبة لـ (إذ) نحو: {وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ}، والمقدر ما يليها بالحال نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} أي: غاشيًا؛ فإنها حينئذ تتمحَّض للظرفية.

وذكرُ (إذ) هنا مع رواية: (بينما) و (بينا) يردُّ على الحريري زعمه أن (بينا) لا يتلقى بها، ولا بـ (إذا) بخلاف (بينما) (٣)، ويرد عليه أيضًا الحديث الصحيح: "بينا أنا نائمٌ إذ جيء بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي" (٤).

(طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى) بضم التحتية أوله، أبلغ من (نرى) بالنون (عليه أثر السفر) وفي رواية النسائي عن أبي هريرة وأبي ذرٍّ رضي اللَّه عنهما: (أحسن الناس وجهًا، وأطيب الناس ريحًا، كأن ثيابه لا يمسها دنس) (٥).


(١) انظر "البحر المحيط" (١/ ١٣٩) فالكلام منقولٌ منه بتصرف واختصار.
(٢) قوله: (ولا تدخل على الجملة الاسمية) انظره مع قول "المغني" (١/ ١٢٠، ١٢٧): (إذا) على وجهين: أحدهما: أن تكون للمفاجأة، فتختص بالجمل الاسمية، ولا تحتاج لجواب، ولا تقع في الابتداء، ومعناه الحال لا الاستقبال؛ نحو: خرجت فإذا الأسد بالباب، ومنه: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}، {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا}. . . ثم قال: والثاني من وجهَي (إذا): أن تكون لغير مفاجاة، فالغالب أن تكود ظرفًا للمستقبل مضمنة معنى الشرط، وتختص بالدخول على الجملة الفعلية عكس الفجائية، وقد اجتمعتا في قوله تعالي: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} اهـ، ثم رأيت في بعض نسخ الشارح: (ولا تدخل إلا على الجملة الاسمية) فينبغي حمله على الفجائية، وحمل الأول على الجزاية، فليتأمل. اهـ "مدابغي"
(٣) انظر "درة الغواص" للحريري (ص ٧٦) وما بعدها. وقال ابن قتيبة أيضًا في "أدب الكاتب" (ص ٣٢٧): (ويقولون: بينا نحن كذلك. . إذ جاء فلان، والأجود: جاء فلان، بطرح "إذ").
(٤) أخرجه البخاري (٦٩٩٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٨)، والإمام أحمد (٢/ ٢٦٨) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٥) سنن النسائي (٨/ ١٠١).

<<  <   >  >>