وسمعٌ بلا صماخ لكل خفيٍّ، وبصرٌ بلا حدقةٍ -تعالى اللَّه عنهما- لكل موجود، وكلامٌ قائمٌ بذاته منزهٌ عما يعتري كلامنا النفسي من الخرس الباطني، وهو عدم الاقتدار على إرادة الكلام النفسي، ليس بصوتٍ ولا حرفٍ.
وبأنه تعالى منزهٌ عن قيام حادثٍ به؛ كحركةٍ أو سكونٍ أو تحيزٍ، فصفاته ليست أعراضًا، ولا عين ذاته ولا غيرها، بناء على أن الغيرين ما ينفك أحدهما عن الآخر.
وبأنه أحدث العالم باختياره من غير أن يحصل له به كمالٌ لم يكن قبله، ولم يتجدد له بإيجاده اسمٌ ولا صفةٌ، بل لم يزل بأسمائه وصفات ذاته، لا شبيه له في ذاته ولا صفاته ولا أفعاله.
وبأنه منزهٌ عن الجهة والجسمية وصفاتهما ولوازمهما، وكل سمة نقصٍ، أو لا كمال فيها.
وبأنه لا يكون في ملكه إلا ما يشاء من خيرٍ وشرٍّ، ونفعٍ وضرٍّ، بل لا تقع لمحة ناظرٍ، ولا فلتة خاطرٍ إلا بإرادته تعالى.
وبأنه الغَنِيُّ المطلق، فكل موجودٍ مفتقرٌ إليه تعالى في وجوده وبقائه، وسائر ما يمده به.
ويجمع ذلك كله: أنه تعالى متصفٌ بكل كمال، منزَّهٌ عن كل وصفٍ لا كمال فيه، واجب الوجود لذاته، منفردٌ باستحقاق العبودية على العالم، إذ هو مالكهم حقيقة؛ لأنه الذي أوجدهم من العدم، وبالألوهية والقدم والبقاء وبالخلق والقدرة؛ لثبوت إسناد جميع الحوادث إليه تعالى، مع مشاهدة كمال الإحسان في خلقها وترتيبها.
وبالإرادة؛ لأن تخصيص بعض الممكنات بالوقت الذي أوجده فيه دون ما قبله أو ما بعده ليس إلا لمعنًى هو الإرادةُ.