للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم، فبلَّغوا عنه رسالاته، وبيَّنوا للمكلفين ما أمروا ببيانه، وأنه يجب احترام جميعهم، ولا نفرق بين أحدٍ منهم كما في الإيمان به (١)، وأنه تعالى نزَّههم عن كل وصمةٍ ونقصٍ (٢)، فهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها على المختار، بل هو الصواب، وما وقع في قصصٍ يذكرها المفسرون، وفي كتب قصص الأنبياء مما يخالف ذلك. . لا يعتمد عليه، ولا يلتفت إليه وإن جلَّ ناقلوه كالبغوي والواحدي، وما جاء في القرآن من إثبات العصيان لآدم، ومن معاتبة جماعة منهم على أمورٍ فعلوها. . فإنما هو من باب أن للسيد أن يخاطب عبده بما شاء، وأن يعاتبه على خلاف الأولى معاتبةَ غيره على المعصية.

وقد قدمنا أنهم أفضل من سائر الملائكة بدليله، فإذا فضلوا المعصومين. . لزم كونهم معصومين بالأولى.

(واليوم الآخر) وهو من الموت إلى آخر ما يقع يوم القيامة، وصف بذلك؛ لأنه لا ليلَ بعده، ولا يقال: يومٌ إلا لما يعقبه ليلٌ؛ أي: بوجوده، وما اشتمل عليه من سؤال الملكين، ونعيم القبر وعذابه، والجزاء، والبعث، والحساب، والميزان، والصراط، والجنة، والنار، وغير ذلك مما بيَّنه الأصوليون بأدلته والرد على المخالفين فيه.

وفي رواية: "والبعث الآخر" (٣)، ووصفُه بالآخر إما تأكيدٌ كأمس الدابر، أو احترازٌ عن غير الآخر؛ لأنه إحياءٌ بعد إماتةٍ، وقد كنَّا ميتين قبل نفخ الروح فأُحيينا بنفخها، ثم متنا، ثم أُحيينا لسؤال الملكين، ثم متنا، ثم أُحيينا للحشر، فهذا هو الآخر.

(وتؤمن بالقدر خيره وشره) حلوه ومره، وفي رواية لمسلم: "وبالقدر كله" (٤)


(١) أي: لا نفرق بين أحدٍ منهم في الاحترام كما لا نفرق بين أحدٍ منهم في الإيمان. اهـ هامش (غ)
(٢) الوصم: الصدع والشق، ويستعمل بمعنى العجب، وهو هنا كذلك.
(٣) أخرجها البخاري (٤٧٧٧)، ومسلم (٩) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) صحيح مسلم (١٠) عن سيدنا أبي هريرة رضي اللَّه عنه.

<<  <   >  >>