للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعر اغتناءً عنه بـ (تَرَكَ)، وكذا (ودع) ماضي (يدع).

ومعنى "فرض اللَّه عليكم الحج": أوجبه، ومن ثَمَّ أجمعوا على وجوبه، وأنه مرةً في العمر بأصل الشرع، والأصح: أنه على التراخي؛ لأن الأمر لا يقتضي الفور على الأصح، ولأنه صلى اللَّه عليه وسلم أخَّره عن سَنَة إيجابه، ومن ثم قال القائلون بفوريته: يجوز تأخيره السنة والسنتين (١).

وشرط وجوبه: التكليف اتفاقًا، والاستطاعة، وكذا الحرية عند الجمهور، والإسلام شرطٌ قيل: للوجوب، وقيل: للأداء (٢)، والاستطاعة فسرت في حديثٍ: بالزاد والراحلة، لكن مرَّ أن منهم من صحَّحه ومنهم من ضعفه (٣).

ومن ثم اختلفوا فيهما، فقال مالك: من اعتاد السؤال ببلده. . لا يحتاج لوجود زاد، ومن قدر على المشي. . يلزمه وإن بعدت المسافة، واحتج بأنه يسمى مستطيعًا عرفًا، وخالفه الشافعي والأكثرون، فقالوا: لا يجب المشي على البعيد -وهو عندنا: مَنْ بينه وبين مكة مرحلتان وإن قدر- ولا السؤال مطلقًا، وقالوا: إنه لا يُسمَّى في العرف مستطيعًا إلا إن وجد الزادَ مطلقًا، والراحلةَ إن بَعُدَ عن مكة، فأصل اختلافهم في الحكم اختلافهم في العرف.

واختلفوا أيضًا فيمن لم يستطع الحج بنفسه لعجزه عن الثبوت على المركوب، هل يخاطب بالحج فيُحَجُّ عنه في حياته بإذنه، وبعد موته من تركته أو لا؟ قال بالأول الأكثرون ومنهم الشافعي، وبالثاني مالك.

ومآل اختلافهم هنا للعرف أيضًا؛ فإن الأولين يعدونه مستطيعًا بغيره ويقولون: الاستطاعة بالغير كهي بالنفس، ومالك يقول: غير مستطيع؛ لأن الاستطاعة حيث أُطلقت إنما تنصرف للاستطاعة بالنفس.

وحديثُ الخثعمية وقولها: يا رسول اللَّه؛ إن فريضة اللَّه على عباده أدركت


(١) بناءً على أنه فُرض في السنة الثامنة وأخَّره صلى اللَّه عليه وسلم إلى العاشرة. اهـ "مدابغي"
(٢) فعلى الأول: لا قضاء على الكافر إذا أسلم وهو المعتمد، وعلى الثاني: يجب عليه القضاء كالمرتد. اهـ هامش (غ)
(٣) في هامش (١): (بلغ مقابلة على نسخة المؤلف بمكة المشرفة).

<<  <   >  >>