وصلت إِلَى الْأمان وللأماني ... فبشرى بالوصال وبالوصول
ستقراً ثمَّ ترقى ثمَّ تقري ... بذا جَاءَت أَحَادِيث الرَّسُول
وتسقي من رحيق الْخلد كأسا ... يكون مزاجها من زنجبيل
وتلقى من رضى الرَّحْمَن امراً ... يقصر عَنهُ مَعْقُول الْعُقُول
أَلا يَا طَال مَا أجهدت نفسا ... مُخَالفَة لرأيك فِي الْقبُول
وَكم كلفت من أَمر مشق ... وَكم حملت من عبء ثقيل
وَكم كابدت من هول شَدِيد ... وإيسره معالجة الجهول
عدلت عَن الْقَضَاء السوء لما ... عدلت وَلم تقصر فِي الْعُدُول
فدونك جنَّة المأوى جَزَاء ... بِمَا أسلفتَ فِي الْعُمر الطَّوِيل
تَجِد ثمَّ الرضى من روضها فِي ... غصون الْقرب نابته الْأُصُول
فَقل مَا شِئْت فِي روض أريضٍ ... وَقل ماشئت فِي ظلٍ ظَلِيل
وَإِن طلب الورى مني دَلِيلا ... على دَعْوَى مقيلك فِي مقيل
فَلَيْسَ يَصح فِي الذهان شيءٌ ... إِذا احْتَاجَ النَّهَار إِلَى دَلِيل
ظَهرت فلست تخفى عَن أريبٍ ... وَلم يُنكر سناك سوى جهول
كَذَاك الشَّمْس لم يُنكر سناها ... إِذا طلعت سوى الطّرف الكليل
جزيت عَن الْبَريَّة كل خيرٍ ... ومعروفٍ وإحسان جزيل
وَلَا زَالَت هبات الله تترى ... على مثواك كالغيث الهطول
هبات غادياتٍ رائحاتٍ ... إِلَيْك تحملت روح الْقبُول
وَقَالَ شهَاب الدّين بن صَالح يمدحه:
سلوا بجنح اللَّيَالِي الطيف هَل هجعا ... متيم بعدكم بالغمض مَا طَمَعا
يَا حبذا طيفكم فِي اللَّيْل من قمرٍ ... لَو كَانَ فِي أفق الأجفان قد طلعا
يَا جيرة الْجزع لَا لاقيتكم جزعاً ... أَواه كم ذَا أُلاقي بعدكم جزعا
أحبابنا مَا أَضَاء الْبَرْق مُبْتَسِمًا ... إِلَّا دعِي من دموعي وإبلا همعا
وَلَا شدا طائرٌ إِلَّا وضعت يَدي ... على فُؤَادِي ظنا إِنَّه وَقعا