وليصفح سَيِّدي عَمَّا خطر لعَبْدِهِ، من خطر التهجم على إنْشَاء سوآله وقصده. فقد مد لي المخدوم جسر التجسر، ومهد لي طَرِيقا يُوجب التَّقَدُّم من غير تَأَخّر. فَأَقُول بِلِسَان التأدب والإجلال، متمسكاً بأذيال الإذلال، مَا قَوْلك أيَّدك الله فِي شخص طَابَ مخبره، وحُمد أَثَره، ان صحبته جملك وظرفك، وَأَن جهلت مقَامه دلك عَلَيْهِ وعرفك، وَأَن تمسكت بِهِ تعلق بك، وَإِن احتملته منحك غَايَة اربك. وَإِن أهنته أكرمك، وَإِن طرحته تبعك والتزمك. لَا يمل مَعَه اللّّبْث، على مافي جنسه من الْخبث. حُرم الْعقل واعطي الذكا، وَمَعَ استتاره ترَاهُ متهتكا. طالما ألف النفار، واستوطن القفار. لَا يوحشه فِرَاق معهد وَلَا ربع، بل شَأْنه الِانْفِصَال عَن الوطن بالطبع. إِن فَارق وَطنه فِي حَيَاة أَهله كَانَ كالإنسان فِي الطَّهَارَة، وَإِلَّا فقد أشبه ميتَة الفارة. كم فَضَح سَارِقا بل سارقه، وأبى انزال المَاء إِلَّا بالمساحقه. إِن حفظته ضَاعَ، وان كتمت سره ذاع. يسْتَدلّ على سماته الصَّالِحَة، بهبوب نسماته الغادية الرَّائِحَة. وَرُبمَا اسْتدلَّ على مراسه، بتصاعد أنفاسه. يهدي لمحبه ريَاح قربه فيستريح، فَهُوَ لعمري قَانِع مِنْهُ بِالرِّيحِ. كَأَنَّهُ من ثنائك سرق، أَو من أخلاقك خلق. تمنح خلائقه للنديم، وتهجره فيراسلك مَعَ النسيم. يقنع مِنْهُ الصّديق فِي صدق الصُّحْبَة، وَلَو بِوَزْن حبه. يحبس فَلَا يُوجد لإطلاقه دوا، غير تعلقه بأذيال الْهوى. سره جهر، ونومه سهر. يَنْفِي الْخبث، وَلَا يحْتَمل الْعَبَث. لَا تعيبه غبرة لَونه، وَلَا حلكة جونه. بَيْنَمَا يرى كالليل إِذا عسعس، ترَاهُ كالصبح إِذا تنفس. يلْتَفت فِي الأثواب فَلَو أَنَّهَا عدد الْعشْر، لأظهر فِيهَا بديع اللف والنشر. طابت شيمته، وغلت قِيمَته. صَحبه النَّبِي وأحبه، وَكَفاهُ من الشّرف هَذِه الرُّتْبَة. فليجمع سَيِّدي بنظره شَمل هَذِه الْفقر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute