من دَلَائِل النُّبُوَّة، وعلامة من الْمُلُوك على عدم الْغدر وَصِحَّة الفتوة. كم نَالَ بِهِ خَائِف الْأمان، وَكم صرح باسمه فِي التَّسْلِيم بعد الْأَذَان. يحتوي على مَا فِي أَيدي الْمُلُوك، وتراه مَمْلُوكا كالصعلوك يَدُور على ملْء جَوْفه ويجول، ونزيله مَعَه فِي الفارغ المشغول. هَذَا وَلم يشك مَعَ خلو جَوْفه سغبا، وَلَا يُبْدِي عِنْد دورانه تعبا. لَكِن يحمي ويغور، قبل أَن يجْرِي ويدور. يذوب جِسْمه ويحترق، ثمَّ يلتئم فَلَا يفْتَرق. لم يسع جَوْفه مشرباً وَلَا مأكلاً، على أَنه لَو دخل فِيهِ الْبَحْر مَا امْتَلَأَ، حَتَّى وَقع فِي جمع تكسر وَلم يسلم، مَعَ أَنه يصل إِلَى حَالَة النزع وَلَا يألم. لَا يحسن السباحة، وَلَا يجد حظاً من الرَّاحَة. لَو كف الْبَحْر أَصَابِع زِيَادَته وَبَقِي وَلَو أصبعا، لَكَانَ مِنْهُ منحدر متقلعاً. وَرُبمَا زَاد فِي قيمَة قدره، بحدبة تطلع فِي ظَهره. طالما ظلّ بِهِ صَاحبه عابثاً، وَحلف الْجَاهِل بِهِ فِي رَمَضَان حانثاً. أَن صحفته كَانَ تركياً، وَأَن حذفت نصفه كَانَ طيراً بهياً. وَإِن بدلت أول حُرُوفه بذل وسخا، أَو عكسته دلّ على التآخي لَا الاخا. لم يعْص مَوْلَاهُ طرفَة عين قولا ولاعملاً، على أَنه رُبمَا نسب إِلَيْهِ التكبر والخيلا، وَوَقع فِي الْإِسْرَاف على نَفسه بِاسْتِعْمَال الطلا. فأجبت بِحَسب الْإِمْكَان، مَعَ تسور الْغم على حصن الْفِكر وَختم الْهم على حَاصِل الْجنان. فَلْينْظر المخدوم حفظه الله تَعَالَى بِعَين الرِّضَا لهَذَا السجع فقد هذر، وَلَا يزيف سبك هَذِه الْفقر. فَإِنَّهَا سليمَة من حسن الصياغة، مستخلصة من الفصاحة والبلاغة. أدام الله تَعَالَى علينا جود سحائب فكرته المزرى بالندا الْمَرْوِيّ عَن حَاتِم، وَجعله فِي حمى السَّيِّد الْكَامِل الفاتح الْخَاتم. وَقد آن أَن ننزع مَا تنازعناه من أَيْدِينَا ونطلقه، وَإِلَّا فقد صَار مَعنا فِي بوتقه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute