للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الدمشقي، انظر الفتح ١/ ١١٩ قلت: والقدرية ثلاثة أصناف هم:
١. قدرية شِرْكيَّة: آمنوا بالقضاء والقدر، ووافقوا أهل الحق على أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق كل شيء وربه ومليكه لكن عارضوا هذا بالأمر والنهي، وزعموا أنه يوافقه، وفيهم من يقول: إن مشاهدة القدر تنفي الملام والعقاب. فهؤلاء يؤول أمرهم إلى تعطيل الشرائع والأمر والنهي، مع الاعتراف بالربوبية العامة لكل مخلوق، وهو الذي يُبتلى به كثيراً إما اعتقاداً، وذلك مثل حال طوائف من الصوفية والفقراء، حتى يخرج منهم إلى الإباحة للمحرمات وإسقاط الواجبات ورفع العقوبات.
٢. قدرية مجوسية: آمنوا بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، وكذبوا بالقدر، وزعموا أن من الحوادث ما لا يخلقه الله وهم بعض المعتزلة وغيرهم، فهؤلاء يجعلون لله شركاء في خلقه، كما جعل الأولون لله شركاء في عبادته، فيقولون: خالق الخير غير خالق الشر، ويقول من كان منهم في ملتنا: إن الذنوب الواقعة ليست واقعة بمشيئة الله تعالى، وربما قالوا: ولا يعلمها أيضاً، ويقولون: إن جميع أفعال الحيوان واقع بغير قدرته ولا صنعه، فيجحدون مشيئته النافذة، وقدرته الشاملة، ويزعمون أن هذا هو العدل.
=٣. قدرية إبليسية: الذين صدقوا بأن الله صدر عنه الأمران: القضاء والقدر والأمر والنهي، لكن عندهم هذا تناقض، وهم خصماء الله وأعداؤه، إذ خاصموا الرب في جمعه بين القضاء والقدر، والأمر والنهي، كما يذكرون ذلك على لسان إبليس، وهؤلاء كثير في أهل الأقوال والأفعال من سفهاء الشعراء ونحوهم من الزنادقة. فرق القدرية وأهم معتقداتهم: لم يكن القول بالقدر فرقة مستقلة ولكن أصبحت مقالة القدرية من أصول كثير من الفرق، سواء غلوا في الإثبات، أو الذين قالوا بالنفي، وهذه الفرق أخذت طرفين متناقضين وهما كالآتي:
- نفاة القدر الذين نفوا القدر وهم فرقتان:
أ- القدرية الأوائل أو غلاة القدرية أتباع معبد الجهني وغيلان الدمشقي، وهؤلاء نفوا القدر بمراتبه الأربع: العلم والمشيئة والكتابة والخلق، وقالوا إن الله عز وجل لا يعلم أفعال العباد قبل وقوعها، ولا يقدر عليها بل العبد هو القادر وحده، وهو الخالق لفعله دون الله. وهؤلاء رد عليهم الصحابة الموجودون آنذاك وقطعوا دابرهم، وقد انقرض هؤلاء الغلاة.
ب- القدرية المعتزلة: وهم خلف لسابقيهم، وورثة القول بنفي القدر، إلا أنهم لم يغلوا غلو الأوائل في إنكار القدر، بل أثبتوا العلم والكتابة ونفوا المشيئة والخلق، ويعتبر نفي القدر أصل من أصول المعتزلة الخمسة والذي أسموه العدل، يريدون به أن أفعال الله تعالى كلها حسنة، وأنه لا يفعل القبيح ولا يخل بما هو واجب عليه، ورتبوا على تعريفهم للعدل ونفيهم الأفعال القبيحة عن الله قولهم إن العباد هم الخالقون لأفعالهم، لأنه فيها ما هو قبيح. انظر الفتاوى (٢/ ١٨٢) و (٨/ ١٥٥) بتصرف واختصار، والاستقامة (١/ ٤٣٣) ومنهاج السنة (٣/ ٨٢) والفتح (١/ ١١٩)، وعقائد الثلاث والسبعين فرقة (١/ ٣٥٥)، والملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٢١٦)، وكتاب الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار.

<<  <   >  >>