لقد سبق وأن مر معنا أن الأشعري مر بثلاثة أطوار، وكان الطور الأخير هو انتماؤه للسلف الصالح، وفي هذا الطور ألف كتاب الإبانة، والتي هي آخر مؤلفاته، وقد سبق ذكرها في مسألة الأطوار وفي مسألة نسبة الكتاب وأذكرها هنا باختصار.
١ - أن ابن فورك لم يذكرها في كتبه التي صنفها قبل العشرين وثلاثمائة، فدل على أنها مما كتبها بعد العشرين والثلاثمائة لاستحالة أنها كتبت بعد الرجوع مباشرة لأنها لو كانت ألفت بعد رجوعه عن الاعتزال مباشرة لأَوْرَدَها الأشعري في كتابه العمد والذي نقل منه ابن فورك، وكذلك لأَوْرَدَتْهَا الرواياتُ التاريخية في كتب التراجم التي ذكرت الكتب التي ألفها بعد الرجوع والتي لم تذكر هذا الكتاب لا باسمه ولا بمعناه.
٢ - أن عدداً من الأعلام قد نَصُّوا على أنها آخر كتبه كابن تيمية وابن القيم، وابن كثير وابن العماد الحنبلي وعدد من الأعلام سبق ذكرهم في مسألة أيهما أسبق: الإبانة أم اللمع؟
٣ ـ نص شيخ الإسلام على أنه صنفه في بغداد في آخر عمره لما زاد استبصاره بالسنة (١) فهذا نص صريح من شيخ الإسلام أنه ألَّفه في آخر عمره.
٤ - ومن خلال ما سبق يتبين بأن هذا الكتاب قد ألف ما بين ٣٢٠ - ٣٢٤ والله أعلم.
١ ـ قال ابن عساكر: الأشعري شيخنا وإمامنا ومن عليه معولنا قام على مذاهب المعتزلة أربعين سنة، وكان لهم إماماً ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوماً، فبعد ذلك خرج إلى الجامع، فصعد المنبر» وقال:«معاشر الناس! إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة، لأني نظرت فَتَكَافَأَتْ عندي الأدلة، ولم يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق، فاستهديت الله تبارك وتعالى، فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه، وانخلع من ثوب كان عليه ورمى به ودفع الكتب إلى الناس، فمنها كتاب «الُّلمَع»