للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: مَنْ شكك في هدف التأليف:

هناك من جعل هدف الأشعري في التأليف وقاية من الحنابلة، ومجاملة لهم، وأول من قال بهذه العبارة، هو عدو الأشعري الأهوازي (١) ثم تلقفها بعض المستشرقين حيث قال ماكدونالدز: - إن الأشعري اضطر إلى كتابة الإبانة وهو لا يؤمن بما فيها وذلك على سبيل التقية من الحنابلة، أصحاب النفوذ في بغداد في أخريات أيامه (٢). وتلقف هذه الشبهة والإفك المبين بعض الأشاعرة، فحمودة غرابة مثلاً نقل كلام ماكدونالدز ثم عقب بعده بقوله: ولعل ما يشهد لذلك قول بعضهم: - إن الأشاعرة قد جعلوا الإبانة من الحنابلة وقاية، ولكن السادة السلفية لا يرضيهم هذا التعليل (٣).

ومستند هؤلاء القصة التى ذكرت للأشعري مع البربهاري شيخ الحنابلة في بغداد أن الأشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري، فجعل يقول: - رددت على الجبائي، رددت على المجوس، رددت على النصارى. فقال أبو محمد: لا أدرى ما تقول! ولا نعرف إلا ما قاله الإمام أحمد. فخرج وصنف الإبانة، فلم يقبل منه (٤)، ويضاف إلى هذا رد شيخ الإسلام ابن


(١) انظر التبيين ص ١٨٨.
(٢) انظر القضاء والقدر ٢/ ٣١٦.
(٣) انظر كتاب اللمع بتصحيح حمودة غرابة ص ٧.
(٤) انظر سير أعلام النبلاء ١٥/ ٩٠، وطبقات الحنابلة ٢/ ١٨، والوافي ١٢/ ٢٤٦، وتبين كذب المفترى ٣٩٠، ٣٩١. وقد ضعف ابن عساكر هذه القصة حيث قال: وأدل على بطلانها قوله: أنه لم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها، وهو بعد إذ صار إليها لم يفارقها ولا رحل عنها فإن بها كانت منيته وفيها قبره وتربته انظر التبيين ص ٣٩١ وقال الشيخ المحمود: إن ابن عساكر أنكر القصة ولم ينكر تأخر الإبانة انظر موقف ابن تيمية ١/ ٣٨٢. قلت: وهو الظاهر من كلامه والله أعلم.

<<  <   >  >>