للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٢ - فصل:

واعلموا -رحمكم الله - أن قول الجهمية: إن كلام الله مخلوق، يلزمهم به أن يكون الله عز وجل لم يزل كالأصنام التي لا تنطق ولا تتكلم لو كان لم يزل غير متكلم، لأن الله عز وجل يخبر عن إبراهيم عليه السلام؛ أنه قال لقومه لما قالوا [له] (١): {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ (٦٢) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (٦٣)} (٢) فاحتج عليهم بأن الأصنام إذا لم تكن ناطقة متكلمة (٣) لم تكن آلهة، وأن الله (٤) لا يكون غير ناطق ولا متكلم. فلما كانت الأصنام التي لا يستحيل أن يحييها الله وينطقها لاتكون آلهة، فكيف يجوز أن يكون من يستحيل عليه الكلام في قدمه إلهاً، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا. وإذا لم يجز أن يكون الله سبحانه في قدمه بمرتبة دون مرتبة الأصنام التي لا تنطق، فقد وجب أن يكون الله لم يزل متكلماً (٥).


(١) ما بين القوسين زيادة من ب. د. و.
(٢) سورة الأنبياء، الآيتان: [٦٢ - ٦٣].
(٣) في ب، متكلم
(٤) في ب. د. و وأن الإله.
(٥) وهذا من الأدلة القوية التي تدل على أن الأشعري يقول بأن الكلام من صفات الله الفعلية الذاتية وليس كلامه قديماً ولا نفسياً؛ لأنه نزهه عن مشابهة الأصنام التي لا تتكلم في الماضي والمستقبل.

<<  <   >  >>