للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على العلم بحقيقته. قلنا لا نسلم أنه متوقف على

العلم به بالحقيقة، وإنما يتوقف على العلم به بوجه وهو بصفاته، كما أجاب موسى عليه الصلاة والسلام فرعون السائل عنه تعالى كما قص علينا ذلك بقوله تعالى {قال فرعون وما رب العالمين} الخ. (والمختار ولا ممكنة) علما (في الآخرة) لأن علمها يقتضي الإحاطة به تعالى وهي ممتنعة، وقيل ممكنة العلم فيها لحصول الرؤية فيها كما سيأتي. قلنا الرؤية لا تفيد الحقيقة والترجيح من زيادتي. (ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض) ، لأنه تعالى منزه عن الحدوث وهذه الثلاثة حادثة لأنها أقسام العالم لأنه إما قائم بنفسه أو بغيره، والثاني العرض الأول ويسمى بالعين، وهو محل الثاني المقوم له إما مركب وهو الجسم أو غير مركب وهو الجوهر وقد يقيد بالفرد. (لم يزل وحده ولا مكان ولا زمان) أي موجود قبلهما فهو منزّه عنهما (ثم أحدث هذا العالم) . المشاهد من السموات والأرض بما فيها (بلا احتياج) إليه (ولو شاء ما أحدثه) فهو فاعل بالاختيار لا بالذات (لم يحدث به) أي بإحداثه (في ذاته حادث) ، فليس كغيره محلاً للحوادث وهو كما قال في كتابه العزيز (فعال لما يريد، ليس كمثله شيء) وهو السميع البصير. (القدر) وهو هنا ما يقع من العبد مما قدّر في الأزل (خيره وشره) كائن (منه) تعالى بخلقه وإرادته، (علمه شامل لكل معلوم) أي ما من شأنه أن يعلم ممكنا كان أو ممتنعا جزئيا أو كليا. قال تعالى {أحاط بكل شيء علما} (وقدرته) شاملة (لكلّ مقدور) أي ما من شأنه أن يقدر عليه، وهو الممكن بخلاف الممتنع والواجب (ما علم أنه يوجد أراده) أي أراد وجوده (وما لا) أي وما علم أنه لا يوجد، (فلا) يريد وجوده فالإرادة تابعة للعلم (بقاؤه) تعالى (غير متناه) أي لا آخر له (لم يزل) تعالى موجودا (بأسمائه) أي بمعانيها، وهي هنا ما دل على الذات باعتبار صفة كالعالم والخالق. (وصفات ذاته) وهي (ما دل عليها فعله) . لتوقفه عليها (من قدرة) وهي صفة تؤثر في الشيء عند تعلقها به. (وعلم) وهو صفة

أزلية تتعلق بالشيء على وجه الإحاطة به على ما هو عليه. (وحياة) وهي صفة تقتضي صحة العلم لموصوفها، (وإرادة) وهي صفة تخصص أحد طرفي الشيء من الفعل والترك بالوقوع. (أو) ما دل عليها (تنزيهه) تعالى (عن النقص من سمع وبصر) وهما صفتان أزليتان قائمتان بذاته تعالى زائدتان على العلم ليستا كسمع الخلق وبصرهم، (وكلام) وهو صفة يعبر عنها بالنظم المعروف المسمى بكلام الله أيضا، ويسميان بالقرآن أيضا. (وبقاء) وهو استمرار الوجود أما صفات الأفعال كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، فليست أزلية خلافا لمتأخري الحنفية، بل هي حادثة لأنها إضافات تعرض للقدرة وهي تعلقاتها بوجودات المقدورات لأوقات وجوداتها، ولا محذور في اتصاف الباري تعالى بالإضافات، ككونه قبل العالم ومعه وبعده وأزلية أسمائه الراجعة إلى صفات الأفعال كما مر في جملة الأسماء من حيث رجوعتها إلى القدرة لا الفعل، فالخالق مثلاً من شأنه الخلق أي هو الذي بالصفة التي بها يصح الخلق وهو القدرة كما يقال السيف في الغمد قاطع أي هو بالصفة التي بها يحصل القطع عند ملاقاته المحل، فإن أريد بالخالق من صدر منه الخلق فليس صدوره أزليا.

(

وما صح في الكتاب والسنة من الصفات نعتقد ظاهر معناه وننزه الله عند سماع مشكله) كما في قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} ، {ويبقى وجه ربك} . {يد الله فوق أيديهم} . وقوله صلى الله عليه وسلّم «إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف شاء» . رواه مسلم. (ثم اختلف أئمتنا

<<  <   >  >>