للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والزيادة النظر إليه تعالى، بأن ينكشف لنا انكشافا تاما بأن يرى بنور الأعين زائدا على نور العلم، أو بأن يخلق لنا علما به عند توجه الحاسة له عادة منزها عن المقابلة والجهة والمكان، أما الكفار فلا يرونه لقوله تعالى {كلا إنهم عن ربهم يومئذ

لمحجوبون} الموافق لقوله {لا تدرحه الأبصار} (والمختار جواز رؤيته) تعالى (في الدنيا) في اليقظة بالعين، وفي المنام بالقلب أما في اليقظة، فلأن موسى عليه الصلاة والسلام طلبها بقوله {رب أرني أنظر إليك} وهو لا يجهل ما يجوز ويمتنع على ربه تعالى، وقيل لا يجوز لأن قومه طلبوها فعوقبوا قال تعالى {فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم} قلنا عقابهم لعنادهم وتعنتهم في طلبها لا لامتناعها، وأما في المنام فنقل القاضي عياض الاتفاق عليه، وقيل لا يجوز إذ المرئي فيه خيال ومثال وذلك على القديم محال. قلنا لا استحالة لذلك في المنام والترجيح من زيادتي، وأما وقوع الرؤية فيها فالجمهور على عدمه في اليقظة لقوله تعالى {لا تدركه الأبصار} وقوله لموسى {لن تراني} أي في الدنيا بقرينة السياق، وقوله صلى الله عليه وسلّم «لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت» . رواه مسلم، نعم الصحيح وقوعها للنبي صلى الله عليه وسلّم ليلة المعراج، وإليه استند القائل بوقوعها لغيره، وأما وقوعها في المنام فهو المختار، فقد ذكر وقوعها فيه لكثير من السلف منهم الإمام أحمد، وعليه المعبرون للرؤيا، وقيل لا لما مرّ في المنع من جوازها. (السعيد من كتب الله) أي علم (في الأزل موته مؤمنا والشقيّ عكسه) أي من كتب الله في الأزل موته كافرا وتعبيري بما ذكر أولى مما عبر به لاشتماله على الدور ظاهرا. (ثم لا يتبدّلان) أي المكتوبان في الأزل، بخلاف المكتوب في غيره كاللوح المحفوظ قال تعالى {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب} أي أصله الذي لا يغير منه شيء كما قاله ابن عباس وغيره، وإطلاق بعضهم أنهما يتبدّلان محمول على هذا التفصيل. (وأبو بكر) رضي الله عنه (ما زال بعين الرضا منه) تعالى، وإن لم يتصف بالإيمان قبل تصديقه النبي صلى الله عليه وسلّم، إذ لم يثبت عنه حالة كفر كما ثبت عن غيره ممن آمن. (والمختار أن الرضا والمحبة) من الله (غير المشيئة والإرادة)

منه، إذ معنى الأوّلين المترادفين أخص من معنى الثانيين المترادفين، إذ الرضا الإرادة بلا اعتراض والأخص غير الأعم بدليل قوله تعالى {ولا يرضى لعباده الكفر} مع وقوعه من بعضهم بمشيئته لقوله {ولو شاء ربك ما فعلوه} وقالت المعتزلة وقوم من الأشاعرة منهم الشيخ أبو إسحاق الرضا والمحبة نفس المشيئة والإرادة وأجابوا عن قوله (ولا يرضى لعباده الكفر) بأنه لا يرضاه دينا وشرعا بل يعاقب عليه وبأن المراد من وفق للإيمان، ولهذا شرفهم بإضافتهم إليه في قوله {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان} وقوله {عينا يشرب بها عباد الله} وذكر الخلاف من زيادتي، (هو الرزاق) كما قال تعالى {إن الله هو الرزاق} بمعنى الرازق أي فلا رازق غيره. وقالت المعتزلة من حصل له الرزق بتعب فهو الرازق نفسه أو بغير تعب فالله هو الرازق له. (والرزق) بمعنى المرزوق عندنا. (ما ينتفع به) في التغذي وغيره. (ولو) كان (حراما) ، وقالت المعتزلة لا يكون إلا حلالاً لاستناده إلى الله في الجملة والمسند إليه لانتفاع عباده يقبح أن يكون حراما يعاقبون عليه قلنا لا يقبح بالنسبة إليه تعالى، فإن له أن يفعل ما يشاء وعقابهم على الحرام لسوء مباشرتهم أسبابه ويلزم المعتزلة أن المتعذي بالحرام فقط طول عمره لم يرزقه الله وهو مخالف لقوله تعالى {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} ، لأنه تعالى لا يترك

<<  <   >  >>