للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحف". (١)

وقال السمين الحلبي (ت: ٧٥٦ هـ):

"والمصحف هو الجامع للصحف المكتوبة … وغلب على ما كتب من القرآن". (٢)

المصحف اصطلاحًا:

وأما المصحف في اصطلاح العلماء - رحمهم الله- فهو اسمٌ للمكتوب فيه كلام الله تعالى بين الدَّفتَّين. (٣)

ويصدق المصحف على ما كان حاويًا للقرآن كلِّه، أو كان ممَّا يُسمَّى مصحفًا عُرفًا ولو قليلًا كحزب، على ما صرَّح به القليوبي- رحمه الله-، أو أقلَّ من ذلك كورقة فيها بعض سورة، أو لوحًا، أو كتفًا مكتوبة. (٤)

"وقيل للقرآن مصحف؛ لأنَّه جُمِعَ من الصَّحائِف المتفرِّقة في أيدي الصَّحابة، وقيل: لأنَّه جَمَعَ وحَوَى - بطريق الإجمال - جميعَ ما كان في كتب الأنبياء، وصُحُفِهم، (لا) بطريق التَّفصيل". (٥).

و" المصحف "اسمٌ للمكتوبِ من القرآن الكريم، المجموع بين الدَّفَّتين، و"القرآن" اسمٌ لكلامِ الله تعالى المكتوبِ في المصاحف (٦).

وفي نحو ما سبق يقول القسطلاني (ت: ٩٢٣ هـ) - رحمه الله-:

" والفرق بين الصحف والمصحف: أن الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، وكانت سورًا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت، ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفًا ". (٧)

ونختم هذ المبحث الهام ببعض نظم أبي عمرو الداني (ت: ٤٤٤ هـ) - رحمه الله- في "الأرجوزة المنبهة":

القَوْلُ فِي المَصَاحِفِ وَجَمْعِ القُرْآنِ فِيهَا

وَاصْغَ إلى قَوْلِيَ فِي المَصَاحِفِ … وَمَا أَنُصُهُ عَنْ الأسَالِفِ

مِنْ شَأنِهَا فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ … وَالمُرْتَضَى عُثْمَانَ ذِي التَوْفِيقِ

لَمَّا تُوُّفِيَّ رَسُولُ اللَّهِ … صَلَى عَلَيهِ دَائِمَاً إلَهِي

وَوَلِيَ الصِّدِّيقُ أمْرَ الأُمَّهِ … مِنْ بَعْدِ مَا جَرَتْ أُمُورٌ جَمَّه

ارْتَدَّتْ العْرَبُ فِي البُلْدَانِ … وَأعْلَنَتْ بِطَاعَةِ الشَّيْطَانِ

وَمَنَعَتْ فَرِيضَةَ الزَّكَاةِ … وَفَرْضُهَا قُرِنَ بِالصَّلاةِ

رَأى خَلِيفَةُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى … جِهَادَهُم فَرِيضَةً وَشَرَفَا

فَجَيَّشَ الجُيُوشَ وَالعَسَاكِرَا … نَحْوَهُمُ وَوَجَّهَ الأَكَابِرَا

مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ … مُرْتَجِيًا لِنُصْرَةِ القَهَّارِ

فَحَقَقَ الإلَهُ مَا رَجَاهُ … وَرَضِيَ الرَأيَ الَّذِي رَآهُ

وَأُيِّدَ الجَيْشُ الَّذِي أعَدَّه … فَقَتَلُوا وَأَسَرُوا المُرْتَدَّه

وَلَجَأَ البَعْضُ إلى الحُصُونِ … وَصَالَحُوا عَلَى التِزَامِ الدِّينِ

وَذَاكَ بَعْدَ مِحْنَةٍ وَشِدَّه … جَرَتْ عَلَى الصَّحْبِ مِنَ اهْلِ الرِدَّه

وَاسْتُشْهِدَ القَرَأَةُ الأَكَابِرُ … يَوْمَئذٍ هُنَاكَ وَالمَشَاهِرُ


(١) - يُنظر: المغرب في ترتيب المعرب ١/ ٤٦٧
(٢) يُنظر: عمدة الحفاظ ٢/ ٣٧١
(٣) - يُنظر: الموسوعة الفقهية، لمجموعة من الباحثين (٣٨/ ٥).
(٤) - يُنظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١/ ١٢٥)؛ حاشية القليوبي على منهاج الطالبين (١/ ٣٥).، ويُنظر: الفرق بين القرآن والمصحف-د. محمود بن أحمد الدوسري، مقال عن موقع الألوكة بتاريخ: ١١/ ٧/ ١٤٣٩ هـ.
(٥) يُنظر: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (١/ ٨٧).
(٦) يُنظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للكاساني (٣/ ٨ - ٩).
(٧) -لطائف الإشارات: (١/ ١٠٦).

<<  <   >  >>