النصارى (١) ، وإذا لا مانع وقد صحت الرواية فالواجب تصديقها، ومن تدبر القرآن ومحاورات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لليهود وما حكي عنهم قبل البعثة وما حكاه من أسلم منهم بان له صحة ما قلناه. وقد صحت الرواية عن عبد الله بن عمرو وهو صحابي فاضل، وقد كان عارفاً بكتب أهل الكتاب، ووقعت له عدة منها. فالظاهر أنه أخذ العبارة منها. وإن صحت عن عبد الله بن سلام فالأمر أوضح، فإنه كان من أحبار اليهود وأسلم مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وكان من خيار الصحابة وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة كما رواه كبار الصحابة وإن صحت عن كعب فالظاهر صدقه لأنه إذا كان صادق الإسلام / نقياً كما هو الظاهر ولم يتيبن خلافه فالأمر واضح، وإن كان كما زعمه بعضهم منافقا مصراً على الباطن على اليهودية متعصباً لها فليس من المعقول أن يكذب للمسلمين بما يزيدهم ثباتاً على الإسلام وحنقا على اليهود، وما يقال إن كعباً كان يستدرج المسلمين ليثقوا به ليس بشيء، لأنه يعلم أن غاية ما يفيده وثوقهم هو تصديقهم له في أن ما يحكيه عن كتب أهل الكتاب موجود فيها، وماذا يفيده هذا وإن كان منافقاً وقد علم أنهم يعتقدون
أن كتب أهل الكتاب محرفة مبدلة، وقد تقدم إيضاح ذلك. وما يزعمه أبو رية من مكايد كعب لم يتحقق منها شيء. والله والمستعان
ثم ذكر (ص١١٥) حكايات معضلة لا تعرف أسانيدها، ومثل ذلك لا يصح أن يبنى عليه شيء
مكيدة مهولة
ثم قال «لما قدم كعب إلى المدينة في عهد عمر وأظهر إسلامه أخذ يعمل في
(١) ومن الهين جداً على اليهود حين قرووا إتلاف النسخ أن يتلقوا جميع ما كان تبقى منها بأيدي المسلمين من أعقاب كعب ووهب وغيرهما لأنها تصير إلى مسلم لا يحسن قراءتها وقد يكره بقاءها عنده فقد يتلفها وقد يعطيها يهودياً بغير ثمن أو بثمن بخس، ويتأكد ذلك عند سعي اليهود في جمعها، وحسبك برهاناً على ذلك وما في معناها فقد النسخ من العالم سوى ما بأيدي اليهود من النسخ الحديثة