عن المدينة إذ بقوا مدة يصلون الرباعية ركعتين ويتكلمون في الصلاة ويصلون إلى بيت المقدس ويستحلون الخمر بعد نزول الأحاكم المخالفة لذلك حتى بلغتهم. وكما أذن الله تعالى أن يبنيى المسلم على ظنه وإن اتفق له أن ينكح أخته وهو لا يدري وأن يقتل مسلماً يحسبه كافراً وأن يأكل لحماً يظنه حلالاً فبان لحم خمزير ميت وغير ذلك. إنما المحذور أن
تدع الدليل الشرعي عمداً اتباعاً منك لقول عالم قد يجهل ويذهل ويغفل ويغلط ويزل، وأشد من ذلك وأضر وأدهى وأمر ما يول صاح بتلك النظرة: إن الدليل الشرعي إذا وجد قول لعالم يخالفه ينزل بذلك عن الدين العام اللازم إل الدين الخاص الاختياري، من شا هـ أخذ ومن شاء ترك،/ ومن خالف كل دليل من هذا القبيل مع علمه بها وعقله لها واقتصر على ما لم يخالفه أحد «كان مسلماً ناجياً في الآخرة مقرباًً عند الله تعالى» كما تقد م عنه ص ١٦، فهذا هو المحذور عند من يعقل.
قال «وبهذا ييسقط قول من قال: إن الصحابة كانوا يكتفون في نشر الحديث بالرواية» .
أقول: قد عرفت الحقيقة ولله الحمد، وعرفت ما هو الساقط.
قال:«وإذا أضفت إلى ذلك حكم عمر بن الخطاب على أعين الصحابة بما يخالف بعض تلك الأحاديث» .
أقول: كان عليه أن يبينها، فإن كان يريد مطاعن الرافضة في أمير المؤمنين عمر فجوابها في منهاج السنة وغيره، ويكفينا هنا أن نسأله: هل علمت عمر ثبت عنده حيديث فتركه لغير حجة قائلاً: لا يلزمنا الأخذ بالأحاديث؟
قال «ثم ماجرى عليه علماء الأمصار في القرن الأول والثاني من اكتفاء الواحد منهم كأبي حنيفة بما بلغه ووثق به من الحديث وإن قل وعدم تعنيه في جمع غيره إليه ليفهم دينه ويبين أحكامه» .