إلى أن قال:«أما كلامه صلات الله عليه في الأمور الدنيوية فإنه كما قالوا من الآراء المحضة، ويسميه العلماء إرشاداً أي إن أمره صلى الله عليه وسلم في أي شيء من أمور الدنيا يسمى أمر إرشاد ... لأنه لا يقصد به القربة ولا فيه معنى التعبد. ومن المعلوم أنه لادليل على وجوب أو ندب إلا بدليل خاص»
أقول: ليس في هذا الكلام ما يصح أن يكون قاعدة ثابتة، فأمور الدنيا خاضعة لأحكام الشرع، وقد أمر الله تعالى بطاعة رسوله وحذر من المخالفة عن أمره، فأمره صلى الله عليه وسلم بشيء دليل قام على وجوبه، إلا أن يقوم دليل يصرف الأمر عن الوجوب إلى غيره. وتفصيل ذلك في كتب الفقه.
ثم قال «لأن الرسل غير معصومين في غير التليغ. قال السفارينى ... قال ابن حمدان ... «وإنهم معصومون فيما يؤدونه عن الله تعالى، وليسوا بمعصومين في غير ذلك» ، وقال ابن عقيل ... لم يعتصموا في الأفعال، بل في نفس الأداء، ولا يجوز عليهم الكذب في الأقوال فيما يؤدونه عن الله تعالى.. وقال القاضي عياض: ... »
أقول: هذا الذي اقتصر عليه أبو رية يوهم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليسوا معصومين عن تعمد الكذب في غير التبليغ ولا عن الكبائر لا عن صغائر الخسة. وفي هذه الكتب التي نقل عنها وغيرها بيان عصمتهم عن ذلك وعن غيره مماترى تفصيله فيها.
احتاج أبو رية إلى صنعيه ليرد كثيراً من الأحاديث الصحيحة بزعم أنها لم تكن على وجه التبليغ، وأن الأنبياء إنما عصموا من الكذب في التبليغ. فليتدبر القارئ/ هذا مع قول أبي رية نفسه في حاشية ص٣٩ «ولعنة الله على الكاذبين، متعمدين وغير متعمدين» !
وذكر قصة التأبير، فدونك تحقيقها: أخرج مسلم في صحيحه من حديث طلحة قال «مررت مع رسول الله صلىالله عل يوسلم بقوم على رءوس النخل فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقالوا: يلقحونه، يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: