ابن سعد، وتغيير اللفظ من الرواية بالمعنى، وعلى فرض صحة هذه الرواية عن الزبير فإنما يفيد ذلك خطأ من ذكر الكلمة في حديث الزبير، ثم تكون هذه الزيادة نفسها حجة على صحة الكلمة في الجملة لأن الزبير ذكر أنه سمع إخوانه من الصحابة يذكرونها في الحديث، والظاهر كما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كرر التشديد في عدة مواقع، والحمل على أنه ترك الكلمة في موقع فسمعه جماعة منهم الزبير وذكرها في موقع آخر فسمعه آخرون، أوضح وأحق من الحمل على الغلط
والغريب ما علقه أبو رية في حاشية ص ٣٩ من الهجر وفيه «ولعنة الله على الكاذبين متعمدين وغير متعمدين ومن يروجه لهم من الشيوخ الحشويين،» مع أنه ذكر ص٤٩ وقوع الخطأ من عمر وابن عمر وعتبان بن مالك أحد البدريين وأبي الدرداء وأبي سعيد وأنس وغيرهم، والمخطيء عنده كاذب، بل مر في كلامه ما يقتضي أن كل من حدث من الصحابة - ومنهم الخلفاء الأربعة وبقية العشرة وأمهات المؤمنين وغيرهم - لا بد أن يكون وقع في الخطأ، فكلهم عنده كاذبون تنالهم لعنته. وأشد من هذا وأمر ما مرت الإشارة إليه ص (١٨-١٧) ، وهذه من فوائد عداوة السنة وأهلها.
البحث الثاني في حقيقة الكذب: بنى أبو رية على أنه «ليس بخاف أن الكذب هوا لإخبار بالشيء علىخلاف ما هو عليه، سواء أكا ن عن عمد أم غير عمد» وهو يعلم - فيما يظهر - أن هذا مخالف لقول شيخيه اللذين يقدسهما، وإيهاما ونحوهما عنى بقوله ص٤ «العلماء والأدباء» وقوله ص١٩٦ «أصحاب العقول الصريحة» وهما النظام والجاحظ، فالكذب عند النظام مخالفة الخبر لاعتقاد المخبر، وهو عند الجاحظ مخالفته لكلا الأمرين معاً: الواقع، واعتقاد الخبر، فعلى القولين ما طابق اعتقاد المخبر فليس بكذب وإن خالف الواقع. وقد ذكر أبو رية (ص٥٠) قول عائشة الذين حدثوها عن عمر وابنه بخبر رأت أنهما وهما فيه «إنكم لتحدثون عن غير كاذبين، ولكن السمع يخطيء» ، وقولها في خبر رواه ابن عمر