وولى أبا هريرة الإمارة أيضاً، ثم قدم أبو هريرة بمال لبيت المال ومال له، قال ابن كثير في البداية ١١٣:٨ «قال عبد الزاق حدثنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال (١) أي عدو الله وعدو كتابه؟ فقال أبو هريرة: لست بعدو الله ولا عدو كتابه، ولكن عدو من عاداهما. فقال: فمن أين هي لك؟ قال: خيل نتجت وغلة رقيق لي وأعطية تتابعت علي، فنظروا، فوجدوه كما قال. فلما كان بعد ذلك دعاه ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال له: تكره العمل وقد طلبه من كان خيراً منك. طلبه يوسف عليه السلام. فقال: إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي وأنا أبو هريرة ابن أميمة، وأخشى ثلاثاً واثنين. قال عمر: فهلا قلت خمسة (؟) قال أخشى أن أقول بغير علم وأقضي بغير حلم، أو يضرب ظهري وينتزع مالي ويشتم عرضي؟
والسند بغاية الصحة. وفي فتوح البلدان ص ٩٣ من طريق يزيد بن إبراهيم التستري عن ابن سيرين عن أبي هريرة لما قدم من البحرين ... فذكر أول القصة نحوه. وفيه «فقبضها منه» والسند صحيح أيضاً. وأخرجه أيضاً من طريق أبي هلال الراسبي عن ابن سيرين عن أبي هريرة، فذكر نحوه إلا أنه وقع فيه «اثنا عشر ألفاً» والصواب الأول لأن أبا هلال في حفظه شيء، وفيه «فلما صليت الغداة قلت: اللهم اغفر لعمر قال: فكان يأخذ منهم ويعطيهم أفضل من ذلك» وفي تاريخ الإسلام للذهبي ٣٣٨:٢ «همام بن يحيى حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن عمر قال لأبي هريرة: كيف جدت الإمارة؟ قال: بعثني وأنا كاره، ونزعتني وقد أحببتها» وأتاه بأربعمائة ألف من البحرين فقال: أظلمت أحداً؟ قال: لا. قال: فما جئت به لنفسك؟ قال: عشرين ألفاً. قال من أين أصبتها؟
(١) وفي رواية في طبقات ابن سعد ٤/٢/٦٠ «أسرقت مال الله» وذكرها أبو رية بلفظ سرقت مال الله