وذكر أبو رية ص١٥٣ مقاولة أبي هريرة وأبان بن سعيد بن العاص وقول أبان «واعجبا لوبر تدلى علينا من قدوم ضأن» وعلق في الحاشية «الوبر دابة والمعنى أن أبا هريرة ملتصق في قريش وشبهه بما يتعلق بوبر الشاة» وهذا من تحقيق أبي رية! وليس أبو هريرة من قريش من شيء لا ملصق ولا غير ملصق، وقوله «وشبهه» يقتضي أن الرواية «وبر» بالتحريك ولو كان كذلك لما بقي لقوله «الوبر دابة» معنى، وعلق أيضاً «ومما يلفت النظر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤاخذ أبانا بما أغلظ لأبي هريرة» وأقول: ليس ذاك باغلاط مع أنه إنما كان جواباً ومكافأة.
وقال ص١٥٤ «ولفقره اتخذ سبيله إلى الصفة، فكان أشهر من أمها، ثم صار عريفاً لمن كان يسكنونها» وعلق عليها عن أبي الفداء تعريفاً لأهل الصفة كما توهم، وقد عرفهم أبو هريرة رضي الله عنه التعريف الحق فقال كما في الصحيحين وغيرهما «وأهل الصفة أضياف الإسلام / لا يأوون على أهل ولا مال الخ» وقد قال الله تبارك وتعالى (٢٧٣:٢ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الأرض» الآية. كان للأنصار حوائط فيعملون فيها ويأكلون من غلتها، وكان كثير من المهاجرين يتأجرون، ومن الواضح أن التجارة في المدينة وهي محوطة المشركين من كل جانب لم تكن لتتسع للمهاجرين كلهم، فبقي بعضهم بالصفة، وكان أهل الصفة يقومون بفروض عظيمة، منها تلقى القرآن والسنة، فكانت الصفة مدرسة للإسلام، فكانت نفقتهم على سائر المسلمين وإن سميت صدقة، وكانوا بجوار النبي صلى الله عليه وسلم يؤثرهم على نفسه وأهل بيتة، وقد حدث علي رضي الله عنه أنه قال لفاطمة عليها السلام يوماً «والله لقد سنوتُ حتى لقد اشتكيت صدري، وقد جاء الله أباك بسبي، فاذهبي فاستخدميه، فقالت: