في قطعة من تلك القطع، فعسى أن يختلط عند بعضهم القطع المكتوب فيها الأحاديث بالقطع المكتوب فيها الآيات، فنهوا عن كتابة الحديث سد للذريعة.
أما قول أبي رية (ص٢٧) : «هذا سبب لا يقتنع به عاقل عالم ... اللهم [إلا] إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة وأن أسلوبها في الإعجاز من أسلوبه»
فجوابه: أن القرآن إنما تحدى أن يؤتى بسورة من مثله، والآية والآيتان دون ذلك. ولا يشكل على هذا الوجه صحيفة علي، لأنه جمع فيها عدة أحكام، وكان علي لا يخشى عليه الالتباس.
ولا قصة أبي شاه، لأن أبا شاه لم يكن ممن يكتب القرآن، وإنما سأل أن تكتب له تلك الخطبة.
ولا قوله صلى الله عليه وسلم في مرض موته: أئتوني بكتاب الخ. لأنه لوكتب لكان معروفاً عند الحاضرين وهم جمع كثير.
ولا قضية عبد الله بن عمرو، فإنه فيما يظهر حصل على صحيفة فيها عدة أوراق، فاستأذن أن يكتب فيها الأحاديث فقط.
وكذلك الكتب التي كتبها النبي صلى الله عليه وسلم لعماله وفيها أحكام الصدقات وغيرها، وكان كلها أو أكثرها مصدراً بقوله «من محمد رسول الله الخ» هذا كله على فرض صحة حديث أبي سعيد.
أما على ما قاله البخاري وغيره من عدم صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأمر أوضح، وسيأتي ما يشهد لذلك.
قال أبو رية (ص٢٣) : وروى الحاكم بسنده عن عائشة قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت خمسمائة حديث، فبات يتقلب ... فلما أصبح قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها فأحرقها، وقال: خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد تقلدت ذلك.
زاد الأحوص بن المفضل في روايته: أو يكون قد بقى حديث لم أجده فيقال: لو كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي على أبي بكر» .
أقول: لو صح هذا لكان حجة على ما قلناه، فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن