لا يحتج به لم يتفقوا على تحرير الصحيح والاتفاق على العمل به. فهذه كتب الفقه في المذاهب المتبعة - ولا سيما كتب الحنفية فالمالكية فالشافعية- فيها مئات من المسائل المخالفة للأحاديث المتفق على صحتها، ولا يعد أحد منهم مخالفاً لأصول الدين»
أقول: أما ما اعترفت به من اتفاقهم على أن الأحاديث الصحيحة أصل من أصول الأحكام الشرعية، فحجة عليك وعليهم مضافة إلى سائر الحجج. وأما عدم اتفاقهم على تحرير الصحيح وعدم اتفاقهم على العمل به فأنما حاصه أنهم يختلفون في صحة بعض الأحاديث، وذلك قليل بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه، ويتوقف بعضهم عن الأخذ ببعضها بدعوى أنه منسوخ أو مؤول أو مرجوح، وليس في ذلك مخالفة للأصل الذي اتفقوا عليه.
فإن قيل: منهم من يتعمد رد الصحيح بدعوى ضعفه أو نسخه أو تأويله أو رجحان غيره عليه وهو يعلم أنه لا شيء من ذلك. قلنا: لنا الظاهر والله يتولى السرائر - على أنهم قد تراموا بهذا زمناً طويلاً وجرت فتن وحروب ثم ملوا فمالوا إلى التجامل وحسن الظن غالباً. وعلى كل حال فلا متشبث لك فيما ذكر، والفرق واضح بين من يستحل معلناً قتل المؤمنين بغير حق، ومن يقول: قتل المؤمن حرام، ثم يتفق له أن يقتل مؤمناً قائلاً: حسبته كافراً حربياً، وإن فرض دلالة القرائن على كذبه.
قال «وقد أورد ابن القيم في إعلام الموقعين شواهد كثيرة جداً من رد الفقهاء للأحاديث الصحيحة عملاً بالقياس ولغير ذلك» .
أقول: القياس في الجملة دليل شرعي. وعلى كل حال فلا متنفس لك في ذلك كما مر.
قال «ومن أغربها أخذهم ببعض الحديث الواحد دون باقيه، وقد أورد لهذا