ثم شرع أبو رية بعد الخطبة في الكتاب فقال في ص ١٦ «السنة ... » ، ونقل عبارات منها عبارة عن تعريفات الجرجاني زاد في آخرها زيادة في نحو ثلاثة أسطر لم أجدها في التعريفات في آخرها «ثم اصطلح المحدثون على تسمية كلام الرسول حديثاً وسنة» ثم قال أبو رية «وقالوا: السنة تطلق في الأكثر على ما أضيف إلى النبي من قول أو فعل أو تقرير»
أقول: تطلق السنة لغة وشرعاً على وجهين: الأول: الأمر يبتدئه الرجل فيتبعه فيه غيره. ومنه ما في صحيح مسلم في قصة الذي تصدق بصرة فتبعه الناس فتصدقوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ... » الحديث. والوجه الثاني: السيرة العامة، وسنة النبي صلى الهل عليه وسلم بهذا المعنى هي التي تقابل الكتاب، وتسمى الهدى.
وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» هذا وكل شأن من شئون النبي صلى الله عليه وسلم الجزئية المتعلقة بالدين من قول أو فعل أو كف أو تقرير، سنة بالمعنى الأول، ومجموع ذلك هو السنة بالمعنى الثاني. ومدلولات الأحاديث الثابتة هو السنة أو من السنة حقيقة، فإن أطلقت «السنة» على ألفاظها فمجاز أو اصطلاح. وإنما أوضحت هذا لأن أبا رية يتوهم أو يوهم أنه لا علاقة للأحاديث بالسنة الحقيقية.
ثم قال ص١٧ «مكان السنة من الدين. جعلوا السنة القولية في الدرجة الثانية أو في الدرجة الثالثة من الدين.... وأما الذي هو في الدرجة الثانية من الدين فهو السنة العملية»