عقله، وأما أبو هريرة فكان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى ومن غير أن يعرف الناسخ من المنسوخ»
أقول: عزاه أبو رية هذه الحكاية إلى مختصر كتاب المؤمل لأبي شامة، وأبو شامة من علماء الشافعية في القرن السابع بينه وبين محمد بن الحسن عدة قرون، ولا ندري من أين أخذ هذا، وقد احتاج العلامة الكوثري في رسالته (الترحيب) ص٢٤ إلى هذه الحكاية، ومع سعة اطلاعه على كتب أصحابه الحنفية وغيرهم لم يجد لها مصدراً إلا مصدر أبي رية هذا. وحكاية مثل هذا عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة لا توجد في كتب الخليفة أي قيمة لها؟
هذا والحكاية لا تتعرض للأحاديث التي يرويها الصحابة، وإنما تتعلق بقل الصحابي الموقوف عليه هل يجوز لمن بعده مخالفته برأيه؟ فحاصلها أن أبا حنيفة يقول إنه لا يخالف قول أحد من الصحابة برأيه سوى أولئك الثلاثة. فأقول: أما أنس فيراجع طليعة التنكيل الطبعة الثانية ص ١٠١و ١٠٨. وأما أبو هريرة فقوله فيه «يروى كل ما سمع» يعني بها كل ما سمعه من الأحاديث، وليس هذا بطعن في روايته ولا هو المقصود، وإنما هو مرتبط بما بعده وهو قوله «من غير ... » والمدار على هذا، يقول: إنه لأجل هذا لا يوثق بما قاه برأيه إذ قد يأخذه من حديث منسوخ ونحو ذلك، وسيأتي ما فيه» [وقال أبو رية في حاشية ص٣٣٤ من أجل ذلك لم يأخذ أبو حنيفة بما جاء عن أبي هريرة وأنس بن مالك وسمرة ... كذا يقول أبو رية، فانظر واعتبر!
وفي الحاشية «قال في مرآة الوصول وشرحها مرقاة الأصول من أصول الحنفية رحمهم الله في بحث الراوي: وهو إن عرف بالرواية فإن كان ففيها نقل منه الرواية مطلقاً سواء وافق القياس أوخالفه. وإن لم يكن ففيه (كأبي هريرة وأنس) رضي الله عنهما فترد روايته»