أقول: في هذا أمران، الأول أن الصواب «في مرقاة الوصول وشرحها مرآة الأصول» . الثاني أن مؤدي العبارة على ما نقله أبو رية رد رواية أبي هريرة وأنس ونحوهما مطلقاً، لكن تمام العبارة في مصدره «إن لم يوافق -الحديث الذي رواه - قياساً أصلاً، حتى إن وافق قياساً وخالف قياساً تقبل» على أن / هذا القول قد رده محققو الحنفية، قال ابن الهمام في التحرير «وأبو هريرة فقيه» قال شارحه ابن أمير الحاج ٢٥١:٢» لم يعدم شيئاً من أسباب الاجتهاد، وقد أفتى في زمن الصحابة، ولم يكن يفتي في زمنهم إلا مجتهد، وروى عنه أكثر من ثمامائة رجل من بين صحابي وتابعي، منهم ابن عباس وجابر وأنس، وهذا هو الصحيح»
ذكر أبو رية في الحاشبة أن قوله «يروى كل ما سمع» إشارة إلى حديث «كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما يسمع»
أقول: هذا الحديث عام يشمل ما يسمع مما يعلم أو يظن أنه كذب، وأبو هريرة إنما كان يحدث بالعلم، بما يعلم أو يعتقد أنه صدق، فأين هذا ومن ذاك؟
وقال ص١٧٠ «وروى أبو يوسف قال قلت لأبي حنيفة: الخبر يجئني عن رسول الله يخالف قياسنا، ما نصنع به؟ إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأي. فقلت: ما تقول في راية أبي بكر وعمر؟ قال: ناهيك بهما. فقلت: وعلي وعثمان، قال: كذلك، فلما رآني أعد الصحابة قال: والصحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً - وعد منهم أبو هريرة وأنس بن مالك»
أقول: لم يذكر مصدره. وهذه عادته (الحميدة) في تدليس بلاياه، ثم وجدت مصدره وهو شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣٦٠:١ عن أبي جعفر الاسكافي فراجع ما تقدم ص١٠٩. ولا ريب أن هذا لا يصح عن أبي يوسف ولا أبي حنيفة، والمعروف عنهما وعن أصحابهما في كتب العقائد والأصول وغيرها ما عليه سائر أهل السنة أن الصحابة كلهم عدول، وإنما يقول بعضهم إن فيهم من ليس