قال أبو رية «روى أحمد عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم فغضب وقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني. وفي رواية فغضب وقال: جئتكم بها بيضاء نقية. لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به»
أقول: هذا من رواية مجالد عن الشعبي عن جابر، ومجالد ليس بالقوي، وأحاديث الشعبي عن جابر أكثرها لم يسمعه الشعبي من جابر كما مر ص٣٨ وعلى فرض صحته فالغضب من المجئ بذاك الكتاب كان لسبببين الأول إشعاره بظن أن شريعتهم لم تنسخ، ولهذا دفع ذلك بقوله «لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني» . والثاني أنه قد سبق للمشركين قولهم في القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم (أسأطير الأولين اكتتبها وهي تملى عليه بكرة وأصيلا) وفي اعتياد الصحابة الاتيان بكتب أهل الكتاب وقراءتها على النبي صلى الله عليه وسلم ترويج لذاك التكذيب، والسببان منتفيان عمن اطلع على بعض كتبهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن عمرو
أما قوله «لا تسألوا الخ» فقد بين أن العلة هي خشية الكذب بحق أو التصديق باطل، والعالم المتكن من معرفة الحق من الباطل ومن المحتمل بمأمن من هذه الخشية، يوضخ ذلك أن عمر رضي الله عنه وهو صاحب القصة كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم يسمع من مسلمي أهل الكتاب وربما سألهم، وشاركه جماعة من الصحابة ولم ينكر ذلك أحد
قال «وروى البخاري عن أبي هريرة: لا تصدقوا الخ»
أقول الذي في صحيح البخاري:«عن أبي هريرة قال: كان أهل التكاب يقرؤن التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم الخ» / فلم ينه عن السماع