ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني وكان المهاجرون يشغلهم الصفق والأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم ... » ولفظ البخاري في صحيحه في كتاب الاعتصام - باب الحجة على من قال إن أحكام النبي صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة الخ «حدثنا علي حدثنا سفيان عن الزهري أنه سمع من الأعرج يقول: أخبرني أبو هريرة قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد، إني كنت امرءا مسكيناً ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ» وأخرجه البخاري في مواضع أخرى من وجوه أخرى عن الزهري وفيه «ألزم» ، وفي موضع «أن أبا هريرة كان يلزم» فأبو هريرة لم يتكلم عن إسلامه ولا هجرته ولا صحبته المشتركة بينه وبين غيره من الصحابة وإنما تكلم عن مزيته وهي لزومه للنبي صلى الله عليه وسلم دونهم، ولم يعلل هذه المزية بزيادة محبته أو زيادة رغبته في الخير أو العلم أو نحو ذلك مما يجعل له فضيلة على إخوانه، وإنما عللها على أسلوبه في التواضع بقول «على ملء بطني» فإنه جعل المزية لهم عليهم بأنهم أقوياء يسمعون في معاشهم وهو مسكين، نوهذا والله أدب بالغ تخضع له الأعناق، ولكن أبا رية يهتبل تواضع أبي هريرة ويبدل الكلمة ويحرف المعنى ويركب العنوان على تحريفه ويحاول صرف الناظر عن التحرى والتثبت بذكره رواية مسلم ليوهم أنه قد تحرى الدقة الباطنة، ويبنى على صنيعه تلك الدعوى الفاجرة (١) ، وقد تقدم أن أبا هريرة أسلم في بلاده قبل الهجرة: لماذا؟ ثم ترك وطنه للهجرة مؤجراً نفسه في طريقه على طمعته وعقبته، لماذا؟ ولما شاهد النبي صلى الله عليه وسلم وجاء غلامه الذي كان أبق منه أعتقه، لماذا؟ وتقدم ص١٠٠ شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أحرص الصحابة على معرفة حديثه، لماذا؟ قال ابن كثير «وقال سعيد بن أبي هند عن أبي هريرة: إن النبي صلى الله عليه وسلم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ألا تسألني من هذه الغنائم التي سألني أصحابك؟ / قال فقلت: أسألك أن تعلمني
(١) وقد قال أبو رية في حاشية ص٣٩ لعنة الله على الكاذبين متعمدين وغير متعمدين