أن قتادة كان قد سمع من أنس، ثم سمع من غيره عن أنس ما لم يسمعه من أنس، فربما بعض ذلك بقوله «قال أنس ... » ونحو ذلك، ثم ذكر الخطيب ص٣٥٨ ما يؤخذ على المدلس، وهناك تلخيصه بتصرف:
أولاً: إيهامه السماع ممن لم يسمع منه.
ثانياً: إنما لم يبين لعمله أن الواسطة غير مرضي.
ثالثاً: الأنفه من الرواية عمن حدثه.
رابعاً: الإيهام علو الإسناد.
خامساً: عدول عن الكشف إلى الاحتمال.
أقول: هذه الأمور منتفية فيما كان يقع من الصحابة رضي الله عنهم من قول أحدهم فيما سمعه من / صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «قال النبي صلى الله عليه وسلم» .
أما الأول فلأن الإيهام إنما نشأ منذ عني الناس بالإسناد: لم يكونوا عقب حدوث الفتنة، وفي مقدمة صحيح مسلم «عن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمعو لنا رجالكم ... » فمن حينئذ التزم أهل العلم بالإسناد فأصبح هو الغالب حتى استقر في النفوس وصار المتبارد من قول من قد ثبت لقاؤه لحذيفة «قال حذيفة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ... » أو نحو ذلك أنه أسند، ومعنى الإسناد أنه ذكر من سمع منه فيفهم من ذاك القول أنه سمع من حذيفة، فلو قال مثل ذلك مع إنه لم يسمع ذاك الخبر من حذيفة وإنما سمعه ممن أخبر به عن حذيفة كان موهماً خلاف الواقع
وهذا العرف لم يكن مستقراً في حق الصحابة لا قبل الفتنة ولا بعدها، بل عرفهم المعروف عنهم أنهم كانوا يأخذون عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، ويأخذ بعضهم بواسطة بعض، فإذا قال أحدهم «قال النبي صلى الله عليه وسلم ... » كان محتملاً أن يكون سمع النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون من صحابي آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم. فلم