والضرب الثاني من لم يبين بل يتظاهر بالالتزام ومع ذلك يدلس عمداً
وتدليس هذا الضرب الثاني حاصله إفهام السامع خلاف الواقع، فإن كان المدلس مع ذلك يتظاهر بالثقة كان ذلك حملاً للسامع ومن يأخذ عنه على التدين بذاك الخبر وإفتاء وقضاء، فأما تدليس الضرب الأول فغايته أن يكون الخبر عند السامع محتملاً للاتصال وعدمه، وما يقال إن فيه إيهام الاتصال إنما هو بالنظر إلى العرف الغالب بين المحدثين، فأما النظر إلى عرف المدلس نفسه فما ثم إلا الاحتمال، فالضرب الثاني هو اللائق بكلمات شعبة ونحوها، وبالجرح وإن صرح بالسماع، فأما الضرب الأول فقد عد منهم إبراهيم النخعي وإسماعيل بن أبي خالد وحبيب بن أبي ثابت والحسن البصري ةلاحم بنعتيب وحميد الطويل وخال ابن معدان وسعيد بن أبي عروبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وسليمان التيمي والأعمش وابن جريج وعبد الملك بن عمير وأبو إسحاق السبيعي وقتادة وابن شهاب والمغيرة بن مقسم وهشيم بن بشير ويحيى بن أبي كثير ويونس بن عبيد، وهؤلاء كلهم ثقات أثبات أمناء مأمونون عند شعبة وغيره متفق على توثيقهم والاحتجاج بما صرحوا فيه بالسماع. قال ابن القطان «إذا صرح المدلس الثقة بالسماع قيل بلا خلاف، وإن عنعن ففيه الخلاف (١) فأما الصحابة رضي الله عنهم فلا مدخل لهم في التدليس كما تقدم
قال «ولو لم يعرف أنه دلس إلا مرة واحدة، نص على ذلك الشافعي رحمه الله»
أقول: عبارته تعطي أن الشافعي يرى جرح المدلس مطلقاً ولو صرح بالسماع، وهذا كذب، وعبارة الشافعي في الرسالة ص٣٧٩ «ومن عرفناه دلس فقد أبان لنا عورته في روايته، وليست تلك العورة بالكذب فترد بها حديثه، ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق» فقلنا لا نقبل