أقول: تتمة كلام ابن قتيبة «فلما أخبرهم أبوهريرة بانه كان ألزمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لخدمته وشبع بطنه ... فعرف مالم يعرفوا وحفظ ما لم يحفظوا، أمسكوا عنه» . وكلمة «اتهموه» كلمة نابية يتبرأ منها الواقع، فإنه لم يثبت عن أحد من الصحابة أنه اعترض على شيء من حديث أبي هريرة إلا عائشة ابن عمر، فأما عائشة فيأتي قريبا ًقولها «إنك لتحدث حديثاً ما سمعته» فأجابها ذلك الجواب الصريح فأقرت، وقد تتبع أبو رية الأحاديث التي انتقدتها عائشة على أبي هريرة ويأتي الجواب الواضح عنهاغ وأن أكثرها قد ثبت من رواية غير أبي هريرة من الصحابة، على أن انتقاد عائشة لها ليس على وجه الاتهام بكذب ونحوه- معاذ الله- وإنما فيه الاتهام بالخطأ وقد اتهمت عائشة بالخطأ عمر وابن عمر كما مر ص٥١ ويأتي. وقد عد الحاكم في المستدرك عائشة في الصحابة الذين رووا عن أبي هريرة كما يأتي، وأما ابن عمر فإنما استغرب حديثاً واحداً من حديث أبي هريرة فاستشهد أبو هريرة عائشة فشهدت فعاد ابن عمر بطيب الثناء على أبي هريرة وقال له «يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه» وممن روى هذا الحاكم في المستدرك ٥١٠:٣ وصححه وأقره الذهبي. وفي تهذيب التهذيب والإصابة «وقال ابن عمر: أبو هريرة خير مني وأعلم» زد في الإصابة «بما يحدث» وفي الإصابة «أخرج مسدد من طريق عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله ابن عمر عن أبيه قال: كان ابن عمر إذا سمع أبا هريرة يتكلم قال: إنا نعرف ما يقول، لكنا نجبن ويجترئ»
وعاصم وأبوه ثقتان. وفي المستدرك ٥١٠:٣ من طريق / « ... جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رجل لابن عمر: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى اله عليه وسلم فقال ابن عمر: أعيذك بالله أن تكون في شك مما يجئ به، ولكنه اجترأ وجبنا» هكذا ذكره الذهبي في تلخيص المستدرك «جرير بن الأعمش ... » وقد سمع أبو وائل عن ابن عمر فأخشى أن يكون ذكر حذيفة مزيداً على سبيل الوهم. والله أعلم. وفي