وقول الحسن لأبي سلمة «وما ذنبهما» قد عرفت جوابه، وهو يمثل حاله أهل العراق في استعجال النظر فيما يشكل عليهم. وجواب أبي سلمة يمثل حال علماء الحجاز في التزام ما يقضي به كمال الإيمان من المسارعة إلى القبول والتسليم ثم يكون النظر بعد، وجوابه وسكوت الحسن يبين مقدار كما الوثوق من علماء التابعين بأبي هريرة وثقته وإتقانه وأن ما يحكي مما يخالف ذلك إنما هو من خلاف أهل البدع، وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف من كبار أئمة التابعين بالمدينة مكثر الرواية عن الصحابة كأبي قتادة وأبي الدرداء وعائشة وأم سلمة وابن عمر وأبي هريرة، فهو من أعلم الناس بحال أبي هريرة في نفسه وعند سائر الصحابة رضي الله عنهم
قال أبو رية ص ١٧٤ «وروى الحاكم في المستدرك والطبراني ورجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة أن النبي قال: إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك رجلاه في الأرض عنقه مثنية تحت العرش وهو يقول: سبحانك ما أعظم شانك، فيرد عليه: ما يعلم ذلك من حلف بي كاذباً، وهذا الحديث من قول كعب الأحبار
ونصه: إن الله ديكا عنقه تحت العرش وبراثنه في أسفل الأرض، فإذا صاح صاحت الديكة فيقول: سبحان القدوس الملك الرحمن لا إله غيره»
أقول: عزا هذا إلى نهاية الأرب للنويري، والنويري أديب من أهل القرن السابع، ولا يدري من أين أخذ هذا، والحديث يروى عن جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، منهم جابر والعرس بن عميرة وعائشة وثوبان وابن عمر وابن عباس وصفوان بن عسال وأبو هريرة. ذكر ابن الجوزي حديث جابر والعرس في الموضوعات، وتعقبه السيوطي وذكر رواية الآخرين. راجع اللآلي المصنوعة ٣٢:١. أما عن أبي هريرة فهو من طريق إسرائيل عن معاوية بن إسحاق بن سعيد المقبري عن أبي هريرة، ومعاوية لم يخرج له مسلم وأخرج له البخاري حديثاً وا حداً متابعة، وقد قال فيه أبوزرعة «شيخ واه» ووثقة