ثم ذكر أبو رية كلمات لصاحب المنار قال في أبيه هريرة « ... فأكثر أحديثه لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما سمعها من الصحابة والتابعين»
أقول: فيه مجازفتان، الأولى زعم أن أكثر أحاديثه لم يسمها من النبي صلى الله عليه وسلم. ونحن إ ذ نظرنا إلى أحاديثه التي رواها عن غيره من الصحابة وجدناها بسيرة، ثم إذا نظرنا في أحاديثه التي يرويها عن النبي صلى الله عليه وسلم رأسا ولا يصرح بالسماع منه قلماً نجد فيها ما يعلم من متنه أنه كان في المدة التي لم يدركها أبو هريرة، مع أننا نجد عن غيره أحاديث كثيرة تتعلق بتلك المادة، فهذا مع ما تقدم ص١٠٦و ١١٨و ١١٩ وغيرها وما يأتي بعد من شهادة الصحابة له يقضي بعكس الدعوى المذكورة
/ المجازفة الثانية زعم أن بعض أحاديثه سمعها من التابعين، إن أريد أحاديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا لا نعرف له حديثاً كذلك، ورواية الصحابي الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم كأبي هريرة عن تابعي عن صحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم بغاية القلة، وإنما ذكروا منهذا الضرب حديثاً لسهل بن سعد وآخر السائب بن يزيد، وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وسهل بن خمس عشرة سنة والسائب ابن سبع سنين، وذكروا أن الحفظ العراقي تتبع ما يدخل في هذا الضرب فجمع عشرين حديثاً لعل منها ما لا يصح وباقيها من أحاديث أصاغر الصحابة كالسائب
قال «وقد ثبت أنه كان يسمع من كعب الأحبار»
أقول: أي شيء سمع مه؟ إنما سمعه منه أشياء يحكيها عن صحف أهل الكتاب، وذلك فن كعب
قال «وأكثر أحاديثه عنعنة»
أقول: إما عنعنته فقد قدمنا ص ١١٤-١١٧ أنها تكون على احتمالين إما أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وإما عن صحابي آخر عن االنبي صلى الله عليه وسلم. فأما