فرض صحته فهذا الرجل كان خطب تلك المرأة في الشرك فردوه، فلما أسلم أهلها سولت له نفسه أن يظهر الإسلام ويأتيهم بتلك الكذبة لعله يتمكن من الخلوة بها ثم يقر، إذ لا يعقل أن يريد البقاء وهو يعلم أنه ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم سوى ميلين، فأنكر أهلها أن يقع مثل ذلك عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأوا أن ينزلوا الرجال محترسين منه، ويرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبرونه. وقوله صلى الله عليه وسلم «ولا أراك تجده» ظن منه أن عقوبة الله عز وجل ستعاجل الرجل. وكذلك كان كما في الطرق الأخرى، وجده الرسول قد مات، وفي رواية «خرج ليبول فلدغته حية فهلك»
وحدوث مثل هذا لا يصلح للتشكيك في صدق بعض من صحب النبي صلى الله عليه وسلم غير متهم بالنفاق ثم استمر على الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. يراحع ص١٣ فما بعدها، وتعجيل العقوبة القدرية لذلك الرجل يمنع غيره من أن تحدثه نفسه بكذب على النبي صلى الله عليهوسلم في حياته، وكذا من باب أولى بعد وفاته، فإن العقوبة القدرية لم تمهل ذاك مع أنه يصدد أن تناله العقوبة الشرعية، ولا يترتب على كذبه المفاسد؟ ولهذا جاء في رواية أن الصحابي بعد صلى الله عليه وسلم ذكر حديثاً فاستثبته بعض الناس فحدث بالقصة ثم قال «أتراني كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا» ؟
وذكر أبو رية خبر المقنع التميمي، ويقال: المنقع، وسنده واه جداً يشمل على مجاهيل وضعفاء فلا أطيل به، هذا من الحكمة في اختصاص الله تعالى اصحاب رسوله بالحفظ من الكذب عليه أنه سبحانه كره أن يكونوا هدفاً لطعن من بعدهم لأن ذريعة إلى الطعن في الإسلام جملة. وليس هناك سبب مقبول للطعن إلا أن يقال: نحن مضطرون إلى بيان أحوالهم ليعرف من لا يحتج بروايته منهم، فاقتضت الحكمة حسم هذا لقع العذر عمن يحاول الطعن في أحد منهم
وقال ص٤٣ «الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ... فإن الكذب