وعلماء السنة كما رأيت لا يبلغون هذا الحد، وإن كانوا يعلمون أن حال الصحاب لا تقاس بحال غيرهم
قال:«ولا نرى في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مالم يكونوا يرون في أنفسهم»
أقول: المدار على الحجة، فإذا ثبت عندنا أن أحدهم كان يرى في صاحبه أمراً فليس لنا أن نوافقه إذا لم نعلم له حجة، فكيف إذا ماقامت الحجة على خلافه؟ وأوضح من ذلك أنه ليس لنا أن نتهم غير صاحبه بمثل تلك التهمة ما دام لا حجة لنا على ذلك. فأما الاستدلال على الإمكان فعلماء السنة لم يتفوا الإمكان إلا فيما قام عليه دليل شرعي كالتبشير بالجنة. والدليل الشرعي لا يعارضه ما دونه
/ قال «وهم تقاذفوا التهم الخطيرة، وكان منهم فريق تراموا بالكفر والفسوق، فقد روى أن عمار بن ياسر ... »
أقول: أما الترامي بالفسوق بمعنى ارتكاب بعض الكبائر فقد كان بعض ذلك وعلم حكمه مما مر، وأما الترامي بالكفر فلم يثبت، بل الثابت خلافه، وما ذكر أنه ما روى عن عمار وابن مسعود لم يثبت، وعلى فرض أنه ثبت عن بعضهم كلمة يظهر منها ذاك لامعنى فهي فلتة لسان عندثورة غضب لا يجوز أخذها على ظاهرها لشذوذها ونفي جمهور الصحابة لما يزعمه ظاهرها، فكيف وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تبشير عثمان بالشهادة والجنة؟
ثم قال ص٣٢٦ «الذين رووا أخبار هذه الفتن هم أنفسهم الذين رووا أخبار الفتح وأخبار المغازي وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء، فما ينبغي أن نصدقهم حين يروون ما يروقنا، وأن نكذبهم حين يروون ما لا يعجبنا ... وما ينبغي كذلك أن نصدق كل ما يروي أو نكذب كل ما يروي وإنما الرواة أنفسهم ناس من الناس يجوز عليهم الخطأ والصواب ويجوز عليهم الصدق والكذب، والقدماء أنفسهم قد عرفوا ذلك وتهيئوا له ووضعوا قواعد.. فليس علينا بأس من أن